من ينظر الي ما يثار اليوم بشأن التعديلات علي قانون السلطة القضائية, يظن أننا نشاهد مسرحية من المسرح العبثي أو اللامعقول التي ظهرت في الخمسينات من القرن العشرين. فمجلس الشوري, وهو سلطة تشريعية انتقالية, بدأ إجراءات مناقشة تعديل قانون السلطة القضائية, رغم عدم جدوي الاستعجال لإقراره حاليا, وليس من حقه دستوريا مناقشة سوي القوانين التي تحتاجها هذه المرحلة مثل قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية, كما أنه معرض للحل من المحكمة الدستورية العليا في12 مايو المقبل, لعدم دستورية بعض مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية التي انتخب علي أساسها. أما الرئيس, وهو الحكم بين السلطات الثلاث, فقد رحب باقتراح المجلس الأعلي للقضاء, بعقد مؤتمر للعدالة, يناقش مختلف المسائل التي تؤدي إلي صيانة وضمان استقلال القضاء, وأصدر بيانات عن استقلال القضاء. وإكتفي بالتصريحات دون اتخاذ إجراءات لوقف وسحب ذلك المشروع من مجلس الشوري. أما نادي القضاة, فيحاول رئيسه اغتصاب صلاحيات المجلس الأعلي للقضاء, ويرسل إنذارا لمجلس الشوري لعدم مناقشة القانون الجديد متدخلا بذلك في أعمال السلطة التشريعية, ويهدد بتدويل أزمة القضاة في الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن, واللجوء للمحكمة الجنائية الدولية ضد مشروع قانون السلطة القضائية, وتحريض الرئيس الأمريكي أوباما علي التدخل في الشأن المصري, وتحريضه لوكلاء النيابة والقضاة للامتناع عن العمل, وكلها جرائم في حق الوطن, كما طالب القضاة بعمل توكيلات للمجلس الأعلي للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد وهو انغماس في السياسة الممنوع علي القضاة ممارستها. أما القضاة فيهددون باعتصام مفتوح ويرفضون التنازل عن بعض الامتيازات التي حصلوا عليها, فتخفيض سن التقاعد يعتبر مساسا بالحقوق المكتسبة للقضاة. تري لو بعث صمويل بيكيت مؤسس مسرح العبث بمسرحيته في انتظار جودو, وشاهد ما نحن فيه, لشعر أننا سحبنا البساط من تحت أقدامه بما نعيشه من عبث علي كل المستويات. لمزيد من مقالات جمال نافع