أجواء مضطربة تحيط بمؤسسة القضاء من كل جانب.. دعوات لمحاصرة دار القضاء العالي, وإشعال نار في المحاكم, وأخيرا مشروع قانون للسلطة القضائية أثار جدلا, ووصفه القضاة بأنه سيعصف بميزان العدالة, خاصة مع استمرار أزمة منصب النائب العام. ناقوس الخطر يدق علي أبواب المحاكم, في هذا التحقيق نرصد وجهات نظر القضاة وشيوخ المهنة لمعرفة متي ترسو سفينة العدالة علي بر الأمان؟ يقول المستشار عبدالله فتحي وكيل نادي القضاة: إن مجلس الشوري, وفقا للدستور, منوط به التشريع لصفة استثنائية في حالة الضرورة, ولم ينتخب لمناقشة مقترح قانون السلطة القضائية الذي يجب أن يصدر عن مجلس تشريعي مجلس النواب, وتسبقه دراسة ويبدي القضاة رأيهم فيه. وأضاف وكيل نادي القضاة أنه بنص الدستور فإن القوانين الصادرة من مجلس الشوري مؤقتة بطبيعتها لمواجهة ظرف معين, أما قانون السلطة القضائية فيتسم بالدوام, كما أن مجلس الشوري غير منوط بإقرار التشريعات إلا في حالتي الضرورة, والاستعجال, وهو ما لا يتفق مع قانون السلطة القضائية. وأكد مساعد وزير العدل أن مؤسسة القضاء هي آخر حصون الشعب, وكسرها يؤدي إلي زعزعة أمن المواطن, مشيرا إلي ضرورة استقلال جميع الأجهزة المساعدة للقاضي, وبعدها عن الهيمنة السياسية. وطالب المستشار فرج قرطام بهيئة قضايا الدولة الفصائل والقوي السياسية بأن تدرك أن المساس بدار القضاء أو المحاكم يتساوي مع حرمة الاعتداء علي المساجد, مشيرا إلي أن أروقة المحاكم تحتوي علي قضايا المواطنين المتعلقة بمستقبلهم وحياتهم. ويري القاضي شريف محمد أنه إذا كان بالقضاء عوار بنسبة1%, فإن هذا لا يعني اتهام جميع القضاة وتشويه صورتهم أمام الرأي العام, فمصداقية القاضي واستقلاله هما الضمانة الرئيسية لتحقيق العدالة. وأشار إلي أن القضاة أصدروا أحكاما تاريخية ضد قضايا الفساد في ظل النظام السابق, ومازالوا يحاربون الفساد في العهد الحالي, وسيواصلون عملهم بضمير العدالة مع أي نظام يدير شئون البلاد. وقال أحد القضاة( رفض ذكر اسمه): إن استقالة المستشار أحمد مكي وزير العدل تجسد قيمة القاضي الأمين علي العدل أمام هيمنة الحكم, فهو كما قاد حركة دفاع عن حقوق القضاة في عهد مبارك, ودافع عنهم, فهو الآن يرفض أي اعتداء علي السلطة القضائية.وأبدي استياءه من محاولات البعض إثارة حملة لتشويه القضاء بدعوي تطهيره. ويشير الدكتور جمال جبريل أستاذ القانون الدستوري إلي أن تعديل قانون السلطة القضائية يجب أن يشارك فيه مجلس القضاء الأعلي برأيه بناء علي النص الدستوري, فالتعديل يشتمل علي ثلاثة محاور هي: أن يكون معيار التعيين في القضاء الجدارة, وإلغاء الواسطة والتمييز, واستقلال جهاز التفتيش القضائي عن وزير العدل, وأن يطرح سن التقاعد للقاضي علي أساس علمي لتحديده, واختيار الأفضل للمصلحة العامة, وليس لمصلحة القاضي. من ناحية أخري دعا المستشار حسام الغرياني رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان إلي تأجيل مشروع قانون السلطة القضائية بالنظر إلي ما سببه من جدل وانقسام بين سلطات الدولة, وذلك لحين انتخاب مجلس النواب الجديد. وقال المستشار سامح السروجي عضو مجلس إدارة نادي القضاة: إن قانون السلطة القضائية من القوانين المكملة للدستور التي تستلزم عرضه علي مجلس النواب بصفته صاحب الاختصاص الأصيل في التشريع, مع أخذ رأي مجلس القضاء الأعلي تنفيذا لأحكام الدستور.