نهي الرسول صلي الله عليه وسلم عن التشويش علي المصلين في المساجد ولو بقراءة القرآن الكريم, فأين نحن من هذا الحديث الشريف, وقد تحولت ساحات المساجد إلي ميادين للتظاهر والتنازع بين القوي والتيارات السياسية؟! ومن وقت لآخر نجد المظاهرات التي تستمر عدة أيام أمام المساجد الكبري, بل وفي بعض الأحيان تعطل الشعائر الدينية في المساجد نتيجة للهرج والمرج المصاحب لهذه المظاهرات. علماء الدين من جانبهم حذروا من خطورة التظاهر أمام دور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس, وطالبوا الدولة بضرورة سن القوانين التي تجرم هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد الوحدة الوطنية وتنشر الإحتقان بين أبناء الوطن الواحد, لأن كثيرا من الخلافات التي تحدث نتيجة لأمورعادية يستغلها البعض لإشعال نار الفتنة ويحدث التظاهر أمام دور العبادة وتنطلق الشائعات المغرضة بأن البعض يحتمي داخلها, وهذا ما حدث في الكثير من الأزمات التي مر بها الوطن في الفترة الأخيرة. الدكتور زكي عثمان الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر يقول إن الثورة أثمرت أشياء غريبة علي شعب مصر ومن أهم هذه الأشياء التظاهر أمام دور العبادة, والكارثة أن هذا التظاهر ليس تظاهرا سلميا, إنما هو تظاهر يحمل الكثير من الأمور التي تتنافي مع القيم والمبادئ الإسلامية الرفيعة وهذا مرفوض ومحرم شرعا أمام دور العبادة التي لها مكانة كبيرة ولابد أن نقدر هذه المكانة, ولا يجوز أن نسمح مطلقا بأن يكون هناك سباب ولعن أمام دور العبادة التي تقام فيها الشعائر الدينية, مشيرا إلي أن التقاليد التي عاش عليها المجتمع المصري في الماضي كانت تحمل احترام دور العبادة ولم يكن أحد يستطيع أن يرفع صوته أمامها, لكن في الوقت الحالي نجد المظاهرات والعنف أمام المساجد والكنائس, وكلها سلوكيات تتنافي مع الإسلام وعقيدته الصافية, فكيف نسمح بأن تحدث اشتباكات بالأيدي وهرج ومرج بالألسنة أمام دور العبادة التي يجد فيها الإنسان السكينة والطمأنينة والهدوء ؟!. يؤدي للفتنة ويضيف أن ما يحدث أمام دور العبادة في الوقت الحالي من مظاهرات ومشاحنات يتنافي مع حديث الرسول صلي الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس علي أموالهم والمهاجر من هجر ما نهي الله عنه لكننا وللأسف نجد أن ما يحدث في الوقت الحالي عكس هذا الحديث الشريف, وأصبح ما يحدث أمام دور العبادة يؤدي لكثير من الأزمات التي تلهب المشاعر وتقسي القلوب وتؤدي للفتنة والإحتقان بين أبناء الوطن الواحد, فحينما نري مظاهرات أمام المساجد أو الكنائس فهذا يدل علي التخلف والتراجع والتقهقر في القيم والمبادئ التي عاش عليها المجتمع, ولذلك لابد أن نضع ضوابط للتظاهر وأن يجرم ذلك التظاهر أمام دور العبادة. محرم شرعا وقال الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه بجامعة الأزهر إن النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن كل ما يشوش علي المصلين صلاتهم ولو كان قراءة القرآن بصوت عال, فقد قال صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك, فإن المساجد لم تبن لهذا, وقال صلي الله عليه وسلم أيضا إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد, فقولوا: لا أربح الله تجارتك, ومعني هذا أن استخدام المسجد في غير ما خصص له من العبادة والذكر وقراءة القرآن محرم ومرفوض شرعا كما ورد في بعض الأحاديث, ولابد للمسلم أن يلتزم بهذه التعاليم الدينية وأن يحافظ علي قدسية المساجد. ويضيف: إن التظاهر في داخل المسجد أو خارجه يشوش علي المصلين, ويفسد قدسية الموضع الذي جعل بيتا من بيوت الله تعالي, وقد ورد في الآية الكريمة أن هذه البيوت جعلت ليذكر فيها اسم الله تعالي, كما جاء في قوله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ومن ثم فإنها لم ترفع ولم تبن ليتظاهر أحد بداخلها أو أمامها, لما يتضمنه هذا التظاهر من صرف هذه البيوت عما خصصت له, وإزالة لقدسيتها, بل ربما أفضي التظاهر أمامها إلي منع المصلين والذاكرين من الولوج فيها, فكان في ذلك تأثيم المتسبب في ذلك, حتي وإن كان يقصد من التظاهر أمرا مشروعا, فإن كان البعض يري للتظاهر جدوي فليكن بعيدا عن بيوت الله تعالي, حتي لا يكون المتظاهرون صادين الناس عن بيوت الله وعبادته فيها. تغيير ثقافة التظاهر وقال الشيخ عبد اللطيف المناحي مدير عام المراكز الثقافية بالأوقاف إن المساجد لها حرمتها ومكانتها في الاسلام وهي من الأماكن التي أمر الله بالحفاظ عليها, وهناك أوامر صريحة بالتزام الوقار والسكينة وعدم رفع الصوت فيها, وكما يجب علي المسلم احترام المسجد وعدم المساس به ورد أي اعتداء عليه, يجب عليه أيضا أن يرد أي اعتداء علي الكنائس ولا يجوز له أن يعتدي عليها, وقد كفل الشرع الحنيف حرية التعبير بضوابط ووافقه الدستور في ذلك علي أن يكون التعبير وفقا لأحكام القانون ويكون سلميا لا عنف فيه. ويشير إلي أن الإشكال ليس في مكان التظاهر وإنما فيمن يتظاهر وكيف يتظاهر وما هدفه من التظاهر وهل يلتزم السلمية أم يجنح إلي العنف؟, فهذه السلوكيات مرفوضة أمام دور العبادة وفي أي مكان حتي لو كان الصحراء, وعلاج هذه السوكيات الخاطئة لا يكون عن طريق قانون يعمم علي الجميع, فالقوانين لا تصحح سلوكا ولا تبني قناعة, ولنتذكر أن ثورة25 يناير التي أسقطت النظام كانت تنطلق مسيراتها من المساجد الكبري والكنائس وفي أيام الثورة لا يستطيع أحد أن ينكر دور المساجد المحوري مثل مسجد القائد ابراهيم وعمر مكرم والفتح وغيرها في باقي المحافظات. ويضيف إننا بحاجة إلي صياغة الشخصية المصرية التي برعت في ثورتها وفي تاريخها العريق خاصة عند شبابنا, فلابد أن تتكاتف المساجد والكنائس ووزارتا الإعلام والتربية والتعليم وكل المعنيين بالتأكيد علي ضرورة احترام أماكن العبادة وبيان قدسيتها وحرمة المساس بها, فنحن نحتاج أن نغير ثقافة التظاهر وآلياته وأهدافه كي نعبر عما نريد بأسلوب حضاري, وعند التطبيق يأتي دور القانون ليس بمنع التظاهر أمام دور العبادة وإنما بمحاسبة من يعتدي ويخرب وينتهج العنف, لأننا نريد أن نشجع التعبير عن الرأي في أي مكان وفي أي وقت مع الالتزام بالسلمية ونبذ العنف ضوابط واجبة وشدد علماء الدين علي أن التظاهر مشروع وجائز بشكل عام, لكن لابد أن تكون له ضوابط وخصوصا إذا كان أمام دور العبادة, وقال الشيخ عبد العزيز رجب من علماء وزارة الأوقافأن التظاهر من الأمور الجائزة شرعا وقانونا, لكن هناك ضوابط لابد من الالتزام بها عند التظاهر خصوصا إذا كان التظاهر أمام دور العبادة, ومن أهم هذه الضوابط ألا يؤدي التظاهر أمام دور العبادة لتعطيل الشعائر الدينية فهذا مرفوض ولا يصح أن يحدث, لأن بيوت الله عز وجل للذكر والصلاة وتلاوة القرآن ولا يصح أن يقوم أي شخص بالتأثير علي المصلين ومن يفعل ذلك فله العقاب الشديد عند الله عز وجل, وهذا قول الحق سبحانه وتعالي ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعي في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خآئفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم, أيضا من أهم هذه الضوابط التي لابد من الإلتزام بها ألا يؤدي التظاهر أمام دور العبادة إلي إثارة فتنة طائفية أو أن يحمل إساءة للآخرين, لأن الإسلام يأمر الإنسان بالإلتزام بالتعاليم والقيم الجميلة التي لا تلحق الضرر بالأخرين, كذلك ألا يكون التظاهر موجها لحزب أو تيار سياسي.