أصبح التظاهر أمام دور العبادة في الوقت الحالي ظاهرة غريبة, فدور العبادة لها مكانة مقدسة, والحفاظ عليها واجب ضروري بدلا من أن تتحول لساحة للتجمعات, ومكان للتخطيط وانطلاق المظاهرات والمسيرات. وكان التجمهر أمام دور العبادة سببا رئيسيا في العديد من الأحداث المؤسفة التي حدثت في الفترة الأخيرة, وأصبحنا في حاجة شديدة لقانون يحرم ويجرم التظاهرات أمامها حتي تؤدي رسالتها في نشر القيم الدينية المعتدلة. الدكتورة آمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية جامعة الأزهر تقول: حرص الدين الإسلامي علي تعظيم دور العبادة التي لها مكانة كبيرة, فهي بيوت الله في الأرض, وكان حقا علي الإنسان أن يحترم دور العبادة, ولا يتعرض لها, ولا يحاول المساس بها, لكن وفي الوقت الحالي انتشرت الكثير من الظواهر السلبية, لعل أهمها كان التظاهر أمام دور العبادة, وهذا الأمر يحمل الكثير من المخاطر والمفاسد, فمن ناحية يشوش علي المصلين ومن يؤدي الصلاة داخل تلك المساجد والكنائس, كما أنه يتعارض تعارضا كبيرا مع ما تتميز به دور العبادة من الوقار والسكينة, والمؤكد أنه خلال التظاهرات التي تحدث أمام دور العبادة تكثر الهتافات والعبارات التي لا تليق بقدسية المكان, والحق سبحانه وتعالي يقول: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتي الزكاة ولم يخش إلا الله فعسي أولئك أن يكونوا من المهتدين, وتعاليم الإسلام هنا واضحة, فما ينطبق علي المساجد ينطبق علي دور العبادة التي تتبع الديانات الأخري كالكنائس والأديرة وغيرها, لأن دور العبادة هي المؤسسة الدينية التي تمثل الإسلام أو المسيحية, وبالتالي لا يصح أن تكون هناك هتافات ومنازعات وأصوات عالية أمام دور العبادة, فهذه المظاهرات والاحتجاجات والمشاحنات لابد أن تكون بعيدة تماما عن دور العبادة, لأنه إذا تركت الأمور علي هذا السياق فربما يقوم البعض بالتظاهر أمام دور العبادة الخاصة بمن يخالفه في العقيدة, وقد تتطور الأمور ويحدث ما لا تحمد عقباه, ونحن لسنا في حاجة لذلك, وللحفاظ علي وحدة الوطن وأمنه واستقراره لابد أن يكون هناك قانون يحرم التظاهر أمام دور العبادة, وأن يتم تطبيق الإجراءات الرادعة علي كل من يتعرض لها أو يتظاهر أمامها حتي نقضي علي الظواهر السلبية التي بدأت تنتشر في الوقت الحالي. أما الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق جامعة الأزهر فيقول: إن وضع قانون لتنظيم دور العبادة أمر صادف هوي في نفوس جميع فئات الشعب المصري, خصوصا بعد الأحداث الأخيرة, فنحن في حاجة ماسة لمنع التجمعات والمظاهرات أمام دور العبادة وداخلها, لأنه في الوقت الحالي أصبحت دور العبادة وكأنها مصدر يستخدمه البعض في إثارة المشكلات, وهذا نتيجة إساءة استخدامها, فمثلا نجد من يتجمعون داخل دور العبادة لتدبير أمر ما خيرا كان أو شرا, وفي كثير من الأحيان تثير تلك التجمعات القلاقل والفتن, وفي كثير من الأحيان نجد تجمعات شبابية أمام دور العبادة, ولاشك أن استمرار هذا الأمر سيثير الكثير من المشكلات, وينذر بمخاطر جسيمة, والبعض الآخر جعل دور العبادة منطلقا لفرض الرأي وتنظيم المسيرات, وهذا الأمر يدعو إلي ضرورة إقرار هذا القانون الذي بالقطع سيمنع التجمعات والمظاهرات, وسيمنع وسيجرم استخدام دور العبادة كمكان للتخطيط وإثارة المشكلات الطائفية التي لها الكثير من المخاطر علي الوطن, لأن وجود التجمعات الشبابية, سواء أمام المساجد أو الكنائس بالقطع يدفع للاحتكاك والاشتباك بسبب أو بغير سبب, وبذلك تتحول دور العبادة عن دورها, فهي أماكن للعبادة وراحة النفس والسكينة, وليست أماكن للتظاهر والاحتجاج وغيرها من الظواهر السلبية التي نشاهدها في الوقت الحالي, ولها تأثير كبير علي تقدم الوطن واستقراره, والمؤكد أن هذا القانون تأخر كثيرا ونحن في أشد الحاجة له الآن حتي لا تتحول دور العبادة عن هدفها, وحتي تظل آمنة يقصدها الناس للعبادة وليس للتظاهر والتجمهر.