إعادة الأهلية بالمفهوم القانوني تسمي رد اعتبار, كما تعني تصويب أمر غير طبيعي; وقد قام هذا الرجل برد الاعتبار لأمير الشعراء أحمد شوقي, حين قام بطبع الشوقيات الأصلية التي تم اغتيالها عام1956 بحجة القضاء علي كل ما يمت إلي العهد الملكي بصلة! كانت هوجة إزالة كل ما يتعلق بالعهد البائد- كما كان يسمي تمتد إلي الكتب والمدارس ومسميات المؤسسات والمباني والقاعات, وتوقفت أمام الأفراد الذين تمت تسميتهم باسم فاروق... حذفت الهوجة من ديوان شوقي أكثر من ستمائة بيت تناولت بالإشارة العهد البائد, ولم يكن الحذف عاقلا أو واعيا إن صح وصفه بذلك, بل كان عشوائيا امتد إلي القصائد التي لا علاقة لها بالعلويين, وبلغ الطيش مداه حين حذفت قصيدة شوقي التي وجهها إلي السلطان حسين كامل, ونفي شوقي بسببها إلي الأندلس( إسبانيا) حيث كتب رائعته( اختلاف الليل والنهار يمسي..), وظل هناك حتي عاد مع انتصار ثورة1919! لقد قام الدكتور مصطفي الرفاعي( مواليد1924-..), أستاذ المسالك البولية بطب الإسكندرية والأديب الشاعر, بمراجعة نسخ ديوان شوقي المتداولة علي النسخة الأصلية التي أصدرها شوقي بمقدمة خطها بقلمه, واستطاع أن يوضح ما جري للقصائد ويسجل مواضع التشويه والحذف, ولأنه أديب ومحب للأدب فقد طبع الديوان بأجزائه الأربعة في صورته الأصلية; علي نفقته الخاصة خدمة للأدب والثقافة. نفدت نسخ الديوان التي سطا عليها ناشرون في الخارج وطبعوها عن طريق التصوير, أما مصر التي احتفلت بشوقي قبل فترة فلم تفكر في تقديم الديوان الأصلي للجمهور المصري والعربي. هيئة الكتاب ومؤسسات الثقافة مشغولة بالتعاقد علي إعادة طبع الأعمال الرديئة للأميين وأشباه المتعلمين الذين تصدروا المشهد الثقافي بقوة الذراع, ولم تفكر في إعادة الاعتبار لشوقي! هل يمكن لمكتبة الإسكندرية أن تصحح خطأ وزارة الثقافة وتطبع الديوان والأبحاث التي كتبها الدكتور الرفاعي حول شعر شوقي ومنها المرأة في شعر شوقي, والوحدة الوطنية في شعر شوقي؟ عشرات الأمتار تفصل بين كلية طب الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية لعلها تقرب بين الرجل الذي قارب التسعين والمكتبة التي تجامل كثيرين. لمزيد من مقالات د.حلمى محمد القاعود