يتوجه العديد من زعماء أفريقيا إلي اليابان للمشاركة في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية الخامس أو كما يطلق تيكادTIAD5 الذي يعقد في مدينة يوكوهاما الأول من شهر يونيو المقبل.. وهو المؤتمر الخامس من نوعه الذي يصادف مرور20 عاما علي بدء هذه المبادرة المهمة من جانب اليابان في عام1993. وقد كنت أحد المشاركين في المؤتمر الأول أو تيكاد1 في طوكيو, وكانت التساؤلات التي مازالت تتردد كما هي في المؤتمر الأول كثيرة أبرزها.. ماذا تريد اليابان من الدول الأفريقية؟ وماذا سوف تقدم لإفريقيا.. هل هي منح ومساعدات أو قروض طويلة الأجل أم ماذا؟ في حين كان يشغلني والعديد من الخبراء الذين شاركوا في هذا المؤتمر ثم في مؤتمرات تيكاد التالية, سؤال أهم, هو ماذا يمكن للدول الأفريقية أن تتعلم من تجربة اليابان في التقدم, خاصة في المجالات التكنولوجية والاقتصادية؟.. وهل يمكن أن تتعلم الدول الأفريقية من تجربة اليابان في التعليم أو في الاستفادة من الموارد البشرية وتوظيفها بحيث تخدم أهداف التقدم كما فعلت اليابان؟ ودائما ماتثار تساؤلات كثيرة خلال مؤتمرات تيكاد منها.. هل تعتزم اليابان تقديم قروض ومساعدات للدول الأفريقية.. ودائما ما تنفي اليابان اعتزامها استخدام مثل هذا المؤتمر لتقديم أي دعم مالي لان كل ذلك يتم علي مستوي ثنائي بين اليابان وكل دولة أفريقية, ثم إن اليابان تعاني حاليا من أزمة اقتصادية صعبة بعد زلزال وتسونامي فوكوشيما. وقد كانت اليابان واضحة منذ المؤتمر الأول في1993, في أن هدف المؤتمر هو تبادل الخبرات مع الدول الأفريقية بما يخدم أهداف التنمية والاستقرار ورفع مستويات المعيشة في هذه الدول. وهو هدف سوف يصب في نهاية المطاف وإن كان علي المدي البعيد في خدمة المصالح اليابانية.. لإن تحقيق التنمية في أفريقيا يعني المزيد من المشروعات ويعني الحاجة إلي التطوير والتكنولوجيا, وهو ما يعني الحاجة إلي الشركات اليابانية, ثم إن رفع مستويات المعيشة في الدول الأفريقية سوف يجعل المواطن الأفريقي قادرا علي الشراء, وبالتالي يزيد احتمال قدرته علي شراء سلع يابانية. وكذلك تهتم اليابان بتدريب وتأهيل الكوادر البشرية, وتعتبر أن تدريب العنصر البشري هو الأساس في عملية التنمية وقد حققت اليابان نفسها التقدم من خلال الاعتماد علي تدريب وتأهيل الموارد البشرية أولا.. وهو الدرس المهم الذي يجب علي الدول الأفريقية أن تركز عليه وتتعلمه من خلال تعاونها مع اليابان, وأن تنسي تماما أن اليابان قوة اقتصادية عظمي سوف تقدم منحا ومساعدات مجانية! وتعرف اليابان أمراض أفريقيا ربما أكثر من زعمائها أو شعبها, فالمتخصصون اليابانيون في الشئون الأفريقية منتشرون في كل أنحاء القارة وفي الجامعات والمعاهد اليابانية.. وربما يدهش القارئ العزيز عندما أقول له أن هناك متخصصين يابانيين في الزراعة في عهد محمد علي فقط.. أو في السدود في أفريقيا وهكذا. ومن أبرز أمراض أفريقيا التي تهتم بها اليابان الفقر والرعاية الصحية والتعليم وتوفير المياه الصالحة للشرب.. وهي مشروعات انسانية مهمة تمس حياة الشعوب, ولذلك تجد أن اليابان تتمتع بسمعة وشعبية رائعة لدي الأفارقة لان الدولة التي عانت إنسانيا من كارثة هيروشيما ونجازاكي وعرفت الجوع والعطش تتعاطف أنسانيا مع الشعوب التي تمر بتلك المراحل في تاريخها رغبة حقيقية في مساعدة تلك الشعوب, المهم أن تكون لدي زعماء تلك الدول وشعوبها الرغبة في التعلم والإرتفاع إلي المستوي الذي يؤهلها للحصول علي المساعدات, غير أن كثير من حكومات ودول أفريقيا ترغب في الحصول مساعدات مالية لاسباب تتعلق بالفساد, في حين لا ترغب اليابان, ولاتقدم مساعدات مالية مباشرة, وانما تمول مشروعات أو تساعد علي قيام مشروعات وتشترط الاشراف عليها ومتابعتها, وهو مالا يعجب كثيرا من الدول الأفريقية لأنه يغلق في وجوه مسئوليها أبواب الفساد!