صحة سوهاج تعلن استئناف عمليات جراحات المناظير بمستشفى جرجا العام    نشطاء «حنظلة» يرددون أغنية «بيلا تشاو» الإيطالية خلال اقتحام الاحتلال السفينة    إسرائيل تمارس قصفًا مساحيًا في غزة تمهيدًا للتهجير    مسؤول إيراني: يتم تبادل الرسائل بين طهران وواشنطن عبر دول وسيطة    حكومة غزة تحذر من وفاة 100 ألف طفل حال عدم دخول حليب الاطفال فورًا    مدير كولومبوس: كنت غاضبا من هاتريك وسام ضد بورتو.. والأهلي نادي عملاق    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    الجونة يضم المدافع صابر الشيمى لتدعيم صفوفه    احتفاء أوروبي ببطل إفريقيا.. بيراميدز يواصل تألقه في معسكر تركيا ويهزم قاسم باشا    مصدر من اتحاد الكرة يكشف ل في الجول موعد مواجهة بوركينا في تصفيات كأس العالم    أبو ريدة يهنئ لقجع بافتتاح المقر الإقليمي للفيفا في المغرب    الطب الشرعي: العينات المأخوذة من أطفال المنيا تحتوي على مبيدات حشرية    استخراج 3 مصابين والبحث عن مسنة تحت أنقاض منزل بأسيوط المنهار| صور    تطوير ميداني دنشواي والأهرام في الإسكندرية احتفالا بالعيد القومي ال73 (صور)    التراث الشعبي بين التوثيق الشفهي والتخطيط المؤسسي.. تجارب من سوهاج والجيزة    ثقافة الأقصر تحتفل بذكرى ثورة يوليو ومكتسباتها بفعاليات فنية وتوعوية متنوعة    أطفال الشاطبي للفنون الشعبية يبدعون في مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    موعد ومكان عزاء الموسيقار الراحل زياد الرحباني    تفاصيل بيان الإفتاء حول حرمة مخدر الحشيش شرعًا    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    من هو اللواء رشاد فاروق مدير أمن الإسكندرية الجديد؟    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم سفينة حنظلة المتجهة إلى غزة ويأمر المتضامنين برفع أيديهم    قطاع العقارات يتصدر تعاملات البورصة المصرية.. والخدمات المالية في المركز الثاني    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إعلام عبرى يؤكد هدنة إنسانية فى غزة اعتبارا من صباح الأحد.. ترامب يلاحق أوباما بسيارة شرطة.. والرئيس الأمريكى يطلب من كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار    بن غفير: قرار إدخال المساعدات لقطاع غزة خطأ فادح    طارق الشناوي: زياد الرحباني كان من أكثر الشخصيات الفنية إيمانًا بالحرية    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: كنا نناقش الأفلام من الطفولة    وزير خارجية الإمارات : الوضع الإنساني في غزة حرج وسنستأنف عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات فورا    "الجبهة الوطنية" تكرّم أوائل الشهادة الإعدادية في بنها دعمًا للتفوق والموهبة    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    جامعة المنصورة تطلق القافلة الشاملة "جسور الخير 22" إلى شمال سيناء    علاجات منزلية توقف إسهال الصيف    ميناء دمياط.. 39 عامًا من التطوير    برلماني: دعوات الإخوان للتظاهر خبيثة وتخدم أجندات إرهابية"    ‬محافظ المنيا يضع حجر الأساس لمبادرة "بيوت الخير" لتأهيل 500 منزل    استنكار وقرار.. ردود قوية من الأزهر والإفتاء ضد تصريحات الداعية سعاد صالح عن الحشيش    هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح    ماحكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط سائق ميكروباص يسير عكس الاتجاه بصحراوي الإسكندرية    محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    وزير قطاع الأعمال يتابع مشروع إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالعين السخنة    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    مركز التجارة الدولي: 28 مليون دولار صادرات مصر من الأسماك خلال 2024    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب 40 ألف جنيه    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عمر سليمان بالإسكندرية    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    حازم الجندي: فيديوهات الإخوان المفبركة محاولة بائسة للنيل من استقرار مصر    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تصبح مصر عضوا في مجلس التعاون الخليجي‏..‏؟‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 12 - 2011

مجددا عاودت فكرة عضوية مصر في مجلس التعاون الخليجي الطرح في أقل من ستة أشهر‏.‏ ففي يوليو‏2011‏ دعا القائد العام لقوة دفاع البحرين‏, الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة, إلي ضرورة التفكير بجدية في إمكانية انضمام مصر إلي المجلس, ومنذ أيام أكد مدير إدارة مجلس التعاون الخليجي في وزارة الخارجية الكويتية, السفير حمود الروضان, أن مصر علي قائمة الانضمام للمجلس. وقد تبدو دعوة مصر لعضوية المجلس الخليجي في الوقت الراهن أمرا متجاوزا للواقع; فقد تعثرت خطوات المجلس في ضم مملكتي الأردن والمغرب, ويشير آخر التصريحات الرسمية من الإمارات والسعودية إلي ميل خليجي نحو التراجع عن ضم المملكتين, أو علي أحسن تقدير عضوية جزئية مثل اليمن, أو عضوية كاملة لكن ضمن شراكة متدرجة تستغرق سنوات, وكان أقصي ما توصلت إليه قمة المجلس بالرياض في الأسبوع الحالي هو إقرار إنشاء صندوق تنمية بحجم5 مليارات دولار للمملكتين. في ظل ذلك يصبح الحديث عن عضوية مصر في المجلس مسألة محل نظر.
إن هذه ليست المرة الأولي لدول المجلس في إطلاق أفكار يجري التراجع عنها لاحقا; فقد اعتاد مسئولو المجلس تصدير أفكار كبري ومفاجئة إلي حد الصدمة أحيانا ربما بهدف التعامل مع أوضاع داخلية, أو لحسابات بينية, أو سعيا لهدم أوهام لدول خارج المجلس عبر مواجهتها بأفكار تتوازي معها وتنافسها حتي تصعقها, وفي الأغلب قد لا يكون الدافع الأساسي جوهر الفكرة المتصدرة للمشهد, وإنما إمرار أمور أخري في الواقع الخليجي. ونشير إلي سابقة إعلان دمشق بين دول المجلس وكل من سورية ومصر الذي انتهي للتجميد في أواسط التسعينيات, وإعلان قبول عضويتي الأردن والمغرب منذ أشهر, والذي لم ينته إلي شيء ملموس حتي الآن.
وتمر دول المجلس بمفترق طرق تاريخي مع احتمالات انعكاسات الربيع العربي, ومع إعادة ترتيب علاقاتها مع الولايات المتحدة, قد تنتهي بها إلي موجة ثانية من التحالفات مع الدولة العظمي وحلف الناتو, حيث تشير الأفكار الأخيرة في الخليج إلي اتجاه لإعادة التموضع العسكري لبعض القوات الأمريكية المنسحبة من العراق في قواعد جديدة بدول المجلس, ومن ثم ينبغي الانتباه إلي ما وراء الدعوات الصادرة من جانب دول المجلس عبر تقصي حقيقة الترتيبات علي أرض الواقع والتي تطوي الكثير من أسرار المنطقة.
فعلي الرغم من الشكوك التي أحاطت بالثقة في التحالف بين دول المجلس والولايات المتحدة بسبب موقفها من ثورات الربيع العربي, فإن المخرج العام لتفاعلات الجانبين يشير إلي اتجاه مختلف; ففي الأشهر الأخيرة جري الاتفاق علي أمرين في غاية الدلالة: في الشأن الإيراني بدا التنسيق الأمريكي السعودي كبيرا, وبدا وكأن البلدين تدير سياستهما الخارجية وزارة خارجية واحدة, حين تحركا بشكل متسق وفي وقت متزامن فيما يتعلق برواية محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن, فيما بدا وكأنه ترتيب لمسرح الحرب علي إيران. وفي الشأن اليمني جري الاتفاق بين دول المجلس والولايات المتحدة إلي حد أن أخلي فيه اليمن تماما لمبادرة المجلس, وانتهي الأمر إلي إقرار ما أرادت هذه الدول( ثورة معطلة أو نصف ثورة), وهو أمر كان غاية في الأهمية نحو بلد علي تماس مباشر مع السعودية.
هكذا بتحليل السوابق ودهاليز العمل الخليجي لا ينبغي التعامل مع أفكار حول دعوة مصر للانضمام لمجلس التعاون الخليجي باعتبارها الكلمة الفصل لدول المجلس, وإنما قد تكون الأبعاد التكتيكية والدوافع المرحلية هي الوازع الرئيسي, إنها محاولات لمحاصرة الانعكاسات المحتملة للربيع العربي. لكنها مع ذلك تؤكد مرور دول المجلس بمرحلة قلق بين توجهها العربي التي أصبحت مركز الثقل فيه, وتوجهها الغربي الذي يبقي محط الأمان الحيوي. وما بين قلق الفكر الاستراتيجي الخليجي بين الاثنين يتوقع أن تتجه دول المجلس إلي تبني مواقف وتوجهات ليست قاطعة علي امتداد سنوات مقبلة.
لكن إذا سلمنا بأن دول المجلس قد تفكر في وقت مقبل في دعوة مصر للعضوية, فماذا يمكن أن يكون القرار المصري؟ وما الفرص والمحاذير فيما يتعلق بمصالح مصر في حال وجهت الدعوة رسميا؟
لا يمكن تصور موقف مصري آخر غير قبول الدعوة في حال توجيهها مهما بلغ الاختلاف حولها في حوارات الفيس بوك بين الشباب علي الجانبين, والتي لم تعدم الأفكار المغلوطة التي بلغت حد شتائم عنصرية كررت ما حدث مع الأردن والمغرب, وتشير بالأساس إلي خطايا الواقع العربي الذي لم نعالجه. فبعيدا عن القراءات الجيوسياسية وليس القومية العاطفية فقط التي تنطلق من رؤية مجموعة ضمن الفكر الاستراتيجي المصري وتعتبر مصر دولة خليجية بمنظور الجغرافيا السياسية والمصالح, هناك مبدأ أساسي ينبغي أن يكون حاكما للفكر الاستراتيجي المصري بأن أمن دول مجلس التعاون وجغرافيتها السياسية القائمة هما جزء حيوي من الأمن القومي المصري ومن الرؤية المصرية الأشمل لمصالح الإقليم, وهو أمر يرتبط بالهوية القومية والوطنية لمصر والمنطقة, وللأسف فإن هذه الرؤية لم تكن مؤكدة للخليجيين في العقود الماضية( بسبب تجربة عبد الناصر), فبحسابات الواقع لا يمكن تصور استقرار كيانات سياسية في الخليج في ظل أي موجة ثورية محتملة, وليس هناك ما يضمن أن انهيار الدول القائمة يمكن أن يتبعه مرحلة استقرار أو إعادة لملمة لهذه الكيانات.
إن المجتمعات الخليجية مختلفة, والدولة بالخليج حققت التنمية لمساحات كبيرة من أقاليمها, كان يمكن أن تكون مجالا للتقاتل بين المناطق التي تستأثر بموارد النفط, وأرضا خصبة لصراعات قبلية لا تنتهي. بالتأكيد أضافت الدولة الكثير لمعالم التاريخ الحديث في منطقة الخليج والجزيرة, ودعمت استقرار مدن ومناطق تركز جل تاريخها حول عصبية الدم والقبيلة. وعلي الرغم من أن دولة الخليج لم تتمكن من إزاحة القبلية تماما, إلا أنها حجبت تأثيراتها السلبية, وانخرطت في مشروعات تحديثية حولت الخليج إلي دول مشبعة بمعالم التحديث. إنه من قبيل الوهم استمرار النظر للخليج علي أنه مجرد قبائل بأعلام. ومن المهم للفكر الاستراتيجي المصري أن يتأسس علي إدراك أن استقرار الخليج في إطار الإصلاح السياسي لدوله وأنظمته هو أمن قومي مصري, بعيدا عن الرؤي المتشنجة التي تريد سحب ثورات الربيع العربي عليها. وسواء تم توجيه العضوية إلي مصر أم لم توجه, يجب أن تكون هذه الرسالة واضحة لمصر بعد ثورة25 يناير.
وسوف يؤيد البعض في مصر قبول دعوة العضوية لو تم توجيهها انطلاقا من دوافع اقتصادية, خصوصا مع بوادر أزمة حادة في الأوضاع المعيشية, لكن يجب ألا يصل ذلك إلي حد إغفال أهمية المشروع الوطني المستقل, الذي يجب أن تنطلق فيه مصر بعد الثورة, وهو ما يجب أن يكون مسارا منفصلا ومستقلا عن موضوع العلاقات العربية والخليجية. إن خبرة تجربة الحكم والسياسة في مصر علي مدي السنوات الستين الماضية تشير إلي أن أهم ما افتقدته مصر في ظل طفرة القومية العربية والصراع العربي الإسرائيلي هو خسارة مشروعها النهضوي الوطني التنويري المستقل, وسوف يكون من قبيل الخطأ لو تم إغراق الهدف المصري في وهم المحيط العربي مرة ثانية. ذلك ما يضمن الريادة لمصر وعدم الخوف علي دورها في ظل أي محيط إقليمي, وذلك أيضا ما لا يجعلها تابعة في مجلس التعاون الخليجي, وهو ما يجب ألا تغفله جهات القرار في مصر بعد الثورة, سواء كانوا من الإسلاميين أو الليبراليين أو الجيش. بذلك يمكن لمصر أن تفرض ذاتها واحترامها في مختلف المجالس الإقليمية والدولية, حتي ولو لم تصبح عضوا رسميا فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.