لم يدر بخلدي أن للمستشار القدير رأفت يوسف نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق فنانا ساخرا هو الشاب الدكتور باسم يوسف!. عرفت والده في بداية التسعينيات, وكان يمدني بأفكار ومقالات قانونية متميزة لنشرها في باب مع القانون ب الأهرام, ثم غاب عدة سنوات, وفجأة جاءني هاتفه بعد الثورة ليستأنف هوايته في الكتابة, وفي إحدي المرات سألني عما إذا كنت أشاهد حلقات باسم يوسف ليفاجئني بأنه ابنه!. ومنذ ذلك الحين لا تفوتني أي حلقة من حلقات برنامجه الذي أثار, ويثير جدلا ليس في مصر فقط, وإنما في العالم كله!. ولا غرو في ذلك فباسم يوسف هو النسخة المصرية للإعلامي الأمريكي الساخر جان ستيوارت الذي يقدم برنامجthedalyshow بل إن برنامج البرنامج فاقه من ناحية الإبهار والديكور والمحتوي والإعداد لدرجة أن ستيوارت نفسه دعا باسم الذي لا يحمل الجنسية الأمريكية ضيفا في برنامجه, وأشاد به, ووصفه بأنه مبدع, وأن برنامجه متميز, وتم تنفيذه بذكاء شديد, وكانت هذه الفقرة من أعلي الفقرات مشاهدة علي موقع جون ستيوارت. وعلي الرغم من أن باسم يوسف يظهر مرة واحدة فقط كل أسبوع علي قناة سي. بي. سي فإنه يبدو أن هذه المرة كانت كافية لتغضب النظام الحاكم الذي جاء بعد ثورة عنوانها حرية وكرامة. فلماذا يغضب النظام, وهو يملك جميع قنوات الحكومة, ومعه محطات إخوانية وسلفية عديدة؟. ثم إن باسم لم يقل كلاما نابيا بحق الرئيس, لكنه يذيع مشاهد مسجلة تظهر الرئيس متناقضا في أقواله!. وباسم يوسف لم يزدر دينا, بل مارس ما عرف به المصريون من حب للسخرية من شخصيات مجتمعهم. باسم فقط يتعرض لقضايا مصر ومشكلاتها باندفاع من يحمل هما وطنيا, ويسعي من خلال القفشة والنكتة إلي الإصلاح, ومكافحة مساويء الحكم, وتجاوزاته دون أن يسقط في الكوميديا السياسية الرخيصة التي تميز معظم الأعمال الهزلية العربية في هذه الأيام. لقد استطاع هذا الطبيب أن يجعل من برنامجه والمواقف التي أطلقها من خلاله رقيبا وناقدا للحركة السياسية في مصر سواء من سلوك الإخوان في السلطة أو سلوك المعارضة وجبهة الإنقاذ وتخبطها, وتبعثر صفوفها في مواجهة الحكم الإخواني, بل إن انتقاداته المعارضين وسخريته من قياداتهم كانت أحيانا أكثر قسوة وحدة. لمزيد من مقالات عبد المعطى أحمد