يتناول كتاب فتنة التكفير للدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أمرا في غاية الأهمية وهو التكفير لأهل الإيمان وأتباع الإسلام, ويؤكد أنه خطر عظيم وشر جسيم, يثير الفتن, ويغتال الأمن والأمان, فكم عانت الأمة المسلمة منذ ظهور غلاة الخوارج والتعصب والتمذهب والتخرب, فنجد إتهامات تكفيرية بين السنة و الشيعة وبين سنة وسنة وبين شيعة وسنة وإباضية أمر فشي واستعر, وصارت البواعث لا تفرق بين أصل وفرع أو ماهو قطعي وظني سواء في الورود أو الدلالة, ويوضح أيضا مضار كارثة التكفير, وأبرزها ظهور جماعات العنف المسلح كنتيجة للعنف الكفري. ويبين الكاتب أنه لاخلاف بين الفقهاء في أنه لاينبغي أن يكفر مسلم أمكن حمل كلامه علي محمل حسن, أو كان في كفره خلاف, ولو كان رواية ضعيفة, وأنه مايشك في كفره لايحكم به, فإن المسلم لايخرجه من الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه, إذ الإسلام الثابت لايزول بالشك مع أن الإسلام يعلو, فإن كان في المسألة وجوه توجب التكفير, ووجه واحد يمنع التكفير فعلي المفتي أن يميل إلي الوجه الذي يمنع التكفير, لعظم خطره وتحسينا للظن بالمسلم, ولأن الكفر نهاية. في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية, ومع الشك والاحتمال لانهاية يقول تعالي: يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولاتقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا فإذا أعلن الإنسان إسلامه بأي إعلان شرعي معتبر قوله (السلام عليكم) لأن سلامه بتحية الإسلام مؤذن بطاعته وانقياده, فيقبل إسلامه لأن الأحكام تناط بالمظان والظواهر لا علي القطع وإطلاع السرائر. وقد أنكر ابن تيمية أشد الإنكار علي من يكفرون الناس بذنب أو خطأ, كما دعا الي التزام الجماعة وعدم الشذوذ عنها, وجوز الصلاة خلف المبتدع, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (من صلي صلاتنا, واستقبل قبلتنا, وأكل ذبيحتنا, فهو المسلم له مالنا وعليه ما علينا). أما من نطلق عليه كافرا فهو كما اتفق العلماء من لم يؤمن بالله ورسوله وبكل ما أتي به النبي صلي الله عليه وسلم مما نقل عنه الكافة, أو شك في التوحيد أو النبوة أو في محمد صلي الله عليه وسلم أو حرف مما أتي به, أو في شريعة أتي بها مما نقل عنه نقل كافة, فإن من جحد شيئا مما ذكر, أو شك في شيء منه ومات علي ذلك فإنه كافر مخلد في النار أبدا, وهذا هو الفرق بين الكافر والآثم, فالآثم هو من ترك بعض أوامر الله تعالي, أو فعل نواهيه مع التصديق بصحة وشرعية ذلك من حيث التشريع, لأن ترك بعض الأمور أو فعل بعض المنهي عنه لايكون كفرا لعدم استناده علي نص شرعي قطعي الدلالة والورود.