يعيش الآلاف من مواطني محافظة أسيوط حالة من العشوائية في كل ما يحيط بهم, حيث تنتشر العشوائيات في الكثير من مناطق المحافظة, والتي صنفتها التقارير الحكومية في أربع مناطق الأولي منطقة المهاجرين الذين نزحوا بعد حرب1973. الي مركز ديروط وقاموا ببناء عدد50 حجرة مكونة من دور واحد تضم مئات الأسر, ويجري الآن محاولات بأن يتم تعويضهم; مقابل تسليم الأرض للدولة, والثانية منطقة الوليدية بشارع البحر وتعاني عشوائية البناء وعدم مراعاة خط التنظيم, حيث المفروض أن يتم ترك40 مترا بين النيل والمنازل, إلا أن المشكلة يصعب حلها لتمسك الأهالي بالمنازل ورفضهم التعويضات أو وحدات سكنية في مناطق أخري, والثالثة منطقة غرب المدابغ مشكلتها في البناء العشوائي وصعوبة توصيل الصرف الصحي, ولكن الأغرب في المشهد أن ينضم أحد أحياء المدينة لتلك المناطق العشوائية. ففي غرب مدينة أسيوط وعلي بعد مئات الأمتار من قلب مدينة أسيوط يعيش الآلاف خارج نطاق الخدمات إلا ما ندر, فبرغم تصريحات المسئولين البراقة والتي تحمل معها أريج العطور وألوان الورود, نجد أناسا يقضون حاجتهم في جراكن بلاستيكية, ليس فقط لعدم وجود صرف صحي, إنما لعدم القدرة المادية علي بناء منزل يحتوي علي دورات مياه إن وجدت الأرض حالة البؤس سيطرت علي جميع الأهالي الذين يقطنون تلك المنطقة, إضافة الي فقدان الثقة في كل وافد عليهم مهما كان منصبه أو حتي أهدافه. الأهرام عاشت الأزمة, ففي بداية الأمر كان الوصول الي المنطقة بالسيارة أمرا مستحيلا, فاضطر الجميع الي الترجل وصولا للمنطقة, حيث خلت المنطقة من طرق ممهدة, وبرغم وجود آلاف الأسر إلا أن المسئولين لا يعرفون عن تلك المناطق إلا اسمها, حيث تتكرر من خلال التقارير التي لا تسمن ولا تغني من جوع, وإن كان غير ذلك فكيف لآلاف المواطنين أن يعيشوا في غيبة عن الخدمات والمرافق لعشرات السنين, وكيف لهم أن يحيوا وقد أنهكهم الفقر والمرض وأصابهم تجاهل المسئولين لهم بحالة من فقدان الثقة يصعب علاجها إلا بعمليات جراحية صعبة. يقول المواطن أحمد صديق سالم, وقد أثر الزمن في ملامح وجهه: أعيش أنا وأسرتي في منزل بالكاد يحمينا من أعين الناس والحمد لله, إلا أننا نحاصر من جميع الجهات بالقمامة, ولا يوجد لدينا صرف صحي, ولا مياه شرب نقية, والغريب في الأمر أننا ندفع رسوم النظافة والمياه والصرف الصحي, فلم تكتف الحكومة بتجاهلنا إلا أنهم لا يرحموا ولا يخلوا رحمة ربنا تنزل, حسب قوله, وأضاف كان لدي أمل في أن يتغير الحال ولكن يبدو أننا كتب علينا أن نعيش بعيدا عن اهتمامات الكبار, وأوضح أنه حينما ذهب لتقديم شكوي بخصوص المبالغ المالية التي يدفعها هو وجيرانه مقابل الصرف الصحي ولم تصل لهم الخدمة حتي الآن تم تهديدهم بالدفع أو الحبس. وحصلت الأهرام علي نسخة من الايصالات التي تؤكد إما الدفع أو الحبس للكثير من المواطنين, الذين لا ذنب لهم إلا أنهم وقعوا في منطقة التجاهل والتهميش الحكومي لعشرات السنين, واكتفي المحافظون الواحد تلو الآخر بتجميل شوارع وسط المدينة حتي وصل سعر عامود الكهرباء في عهد أحد المحافظين الي عشرين ألف جنيه. ويقول سيد محمود محمد إن المنطقة تفتقر الي الأمن, إذ لا يوجد بها نقطة شرطة أو نقطة إطفاء, وكل ليلة يتجمع الكثير من المجرمين وغيرهم من المسجلين خطر, مما يعرض أهالي المنطقة للعديد من الأخطار, كذلك يؤدي عدم وجود نقطة اطفاء الي حدوث الكثير من الخسائر عند حدوث حرائق, حيث ان أسطح المنازل تغطي بكميات كبيرة من القش والبوص ومخلفات الحيوانات, وكلها قابلة للاشتعال السريع. ويضيف طلعت حسن قائلا: نظرا لبعد المنطقة عن مدينة أسيوط فإنها بحاجة لمستشفي مجهز لاستقبال جميع حالات الطوارئ, حيث ان الوحدة الصحية الموجودة بالمنطقة لا تفي بكل الأغراض العلاجية, والغريب أن الوحدة الصحية التابعة للحكومة ملاصقة لكميات ضخمة من القمامة والأدخنة المحملة بالكثير من القاذورات والكثير من الحشرات والزواحف التي تعرضنا وجميع أهالي المنطقة للخطر. ويقول محمد عبدالمجيد علي: لا يوجد لدينا أي نوع من الرعاية الاجتماعية, حيث لا توجد مؤسسات تهتم بدراسة حالة السكان وتقويم مستوي الخدمات المقدمة لهم, وطالب بسرعة إنشاء مكاتب رعاية اجتماعية لانقاذ الجيل الجديد من الضياع وتهيئة بيئة اجتماعية متوازنة, حتي لا يؤدي الاهمال والتشتت الي انحراف الكثيرين من الشباب والفتيات, ويقول صابر سيد أحد سكان المنطقة, إن أكثر من50 ألف مواطن لا يوجد لديهم مخبز يفي باحتياجاتهم مما يضطرهم للدخول للمدينة والوقوف في طوابير لساعات طويلة للحصول علي الخبز. وقد قام صندوق دعم المناطق العشوائية بتصنيف هذه المناطق بأنها مناطق ذات خطورة ولكن من المستوي الثاني, مما جعل الاهتمام بها في مرحلة متأخرة, برغم أن أسيوط تتصدر قائمة المحافظات في نسبة الفقر التي وصلت61% من إجمالي عدد السكان, ونسبة الأمية وصلت42%, ويبدو أن المسئولين في محافظة أسيوط ينتظرون أن يخرج هؤلاء المهمشين بثورة جديدة للمطالبة بالعيش الكريم والعدالة الاجتماعية برغم قيام الثورة والتي جاءت بهم في مناصبهم, حيث لم يقم مسئول بزيارتهم أو حتي ارسال من يستمع لشكواهم, انما تركوهم لحياة البؤس والحاجة. أهالي غرب مدينة أسيوط يناشدون اللواء السيد برعي محافظ أسيوط زيارتهم, وعفوا ستكون مشيا علي الأقدام حيث لن تستطيع سيارته الدخول للمنطقة لضيق الشوارع وتكدس القمامة, ويناشدون اللواء محمد ابراهيم مدير أمن أسيوط انشاء نقطة شرطة لحمايتهم وذويهم من بلطجية يظهرون ليلا, وتجار مخدرات, وأوكار للمتاجرة في كل ما يخالف القانون, حيث لا صوت هناك يعلو فوق صوت البلطجة. ويناشدون مجالس إدارات الجمعيات الأهلية من أصحاب الملايين أن ينظروا إليهم بعين الاهتمام والرعاية, ووضعهم علي خارطة مشروعاتهم.