كان الاقبال المتزايد وغير المسبوق في تاريخ مصر الحديث من المصريين بمختلف فئاتهم وأعمارهم علي صنادق انتخاب أول مجلس نيابي بعد ثورة يناير درسا قاسيا لكل المتربصين بمصر في الخارج وكل الشامتين والحاقدين الذين لايريدون لهذا البلد العريق أن يقف علي قدميه ويحقق نهضته المرجوة وراحوا يبثون الشائعات في نفوس المواطنين وترويعهم وتخويفهم وتحذيرهم من الذهاب إلي صناديق الانتخابات لأنها لن تتم في ظل هذا الانفلات الأمني المتلاحق مطالبين بتأجيلها لوقت لاحق. ويرون أن مصر من وجهة نظرهم دخلت في منعطف سحيق مظلم لا يمكنها الخروج منه, وعلي الجانب الآخر وزيادة في هذا الترويع تواصلت المليونيات والاعتصامات فلا تكاد تنتهي مليونية آخرالليل تطالعنا الصحف بدعواتهم لمليونية أخري تحت مسمي جديد وهكذا توالت الاعتصامات في الميدان وكانت النتيجة تعطيل الحياة وتوقف عجلة الانتاج وضرب السياحة في مقتل وانهيار الاقتصاد المصري والخسائر الفادحة للبورصة التي بلغت بالمليارات يوميا. ورغم ذلك فإن الدولة ممثلة في مجلسها العسكري والحكومة عقدت العزم علي إقامة الانتخابات يوم82 نوفمبر وتسليم السلطة للحكومة الجديدة في الموعد المحدد ووقف الشعب العظيم خلف قواته المسلحة لاتمام الانتخابات في مشهد رائع ومبهر نقلته وكالات الأنباء والمراسلون الأجانب والفضائيات إلي مختلف أنحاء العالم وشهد له خبراء التشريعات البرلمانية والمهتمون بقضايا الديمقراطية في العالم بأنه الأول من نوعه في مسيرة الحياة البرلمانية في كل الدول المتقدمة, ونعرض في هذا المقال بعض الجوانب الرائعة في وقفة الشعب المصري خلف قواته المسلحة وخروجه عن بكرة أبيه لاتمام العملية الانتخابية في موعدها المحدد وتغليب المصلحة العليا للوطن في مثل هذه الظروف ومقترحاتنا لدعم مسيرة الوطنية المخلصة من أجل مصر في المرحلة المقبلة, وذلك علي النحو التالي. محمد علي باشا: استطيع القول كقارئ لتاريخ مصر ومسيرته البرلمانية أن هذا التدفق الجماهيري الحاشد الذي حدث يوم82 نوفمبر علي صناديق الانتخابات لم تشهده مصر في تاريخها الحديث, ومنذ أن تولي محمد علي باشا حكم البلاد عام5081 ومنذ أن عرفت مصر النظام البرلماني وانشاء أول مجلس نيابي عام4281 باسم المجلس العالي وانشاء مجالس المشورة برياسة ابراهيم باشا واصدارالخديو اسماعيل أوامره بانشاء مجلس شوري النواب عام6681 برئاسة اسماعيل باشا راغب وتواصل انشاء البرلمانات المصرية حتي الآن. المتربصون بمصر: أجهضت وقفة الشعب الباسلة يوم82 نوفمبر وتدفقه علي صناديق الانتخابات كل محاولات المتربصين للنيل من مكانة الوطن وكسر ارادة الشعب باجراء الانتخابات في موعدها المحدد, وهو ما أكده المشير طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ورئيس المجلس العسكري خلال لقائه بالقوات المسلحة ليلة الانتخابات مساء72 نوفمبر وقوله بالحرف الواحد إننا نعمل من أجل مصلحة مصر والحفاظ عليها حتي نسلمها إلي قيادة وطنية منتخبة, وان مصر لن تسقط أبدا ولن نسمح بذلك لأي أحد في الخارج أو للقلة القليلة التي تم التغرير بها في الداخل أن تعبث بأمن مصر وتعرض البلاد للخطر, وسوف نعبر هذه الصعوبات بارادة ودعم شعب مصر العظيم. الدول العظمي: تتابع باهتمام بالغ ما يجري علي الساحة المصرية باعتبار مصر دولة محورية ورمانة ميزان المنطقة ونجاحها يؤثر بالسلب علي الدول الغربية الحاقدة علي مصر وهو يجعل الشعب يتنبه إلي ذلك ويتصدي لكل ما يسئ إلي نجاحها وهو ما تنبه إليه أيضا شاعر النيل حافظ ابراهيم عندما شعر بسعي الغرب إلي كسر إرادة مصر, فقال عن مصر وهي تتحدث عن نفسها: أنا إن قدر الاله مماتي.. لا تري الشرق يرفع الرأس بعدي. وأخيرا: بعد النجاح الذي حققه الشعب في وقفته الباسلة في الانتخابات اقترح أن تعقد القوي السياسية ورؤساء الأحزاب اجتماعا عاجلا تتوحد فيه كلمتهم حول مطلب واحد هو وقف ظاهرة المليونيات والاعتصامات واتجاه الجميع للعمل والانتاج من أجل انقاذ مصر من عثرتها واسترداد الاقتصاد لعافيته, خاصة وأن السفينة الآن تشق عباب البحر في ثقة وثبات واقتدار, ماضية في طريقها لبر الأمان ولسان حال أهلها فوق ظهرها يقولون ما قلته في إحدي قصائدي الوطنية ستبقين يامصر.. رغم التحدي.. ورغم الصعاب.. ورغم المحن,, ستبقين شمسا.. تضئ الطريق.. وتسطع فوق جبين الزمن. المزيد من مقالات مصطفى الضمرانى