لا أعتقد أن الغالبية من الشعب المصري قد فاجأته نتائج الجولة الأولي لمسار الانتخابات التشريعية لكن عنصر المفاجأة كان في هذا الصعود العددي للتيار الديني وهذا هو الجديد. فالجميع كان يعرف ويعلم الدور والأجندة للإخوان والسلفيين حيث كانت وماتزال هناك مخاوف وهواجس عديدة تملأ السمع والبصر حاليا, هناك حيرة تلف المصريين حاليا هل ستصبح البلاد أفغان جديدة أو إيران العناد والخداع الذي يجر لنا العداء والتهميش والحصار مع دول العالم. أم أخيرا النموذج التركي بخبثه وقوة توغله واعتدال خطابه ووسطية ممارسته الظاهرة لكن لا يخفي الصيد في الكوارث والأزمات من أجل عودة نفوذ شمس غائبة للحكم العثماني الذابل منذ09 عاما. وطبقا لمعطيات نتائج الجولة الأولي, فإننا سنصبح أمام واقع متغير جديد, وبات هناك يقين بأن الإخوان وفصائل التيار الديني علي مقربة من اعتلاء ساحة المشهد السياسي داخل البرلمان والفوز بالحقائب والقرار داخل الحكومة المقبلة بأغلبية, ولذا فإن قيادة هذا الفريق باتت مطالبة من الآن بتوفير استحقاقات عاجلة وضمانات ثقة لهذا الشعب حول التوجه المقبل لجوهر الدولة المصرية والنظام السياسي بها وتقديم سلة إجابات عديدة علي كل التساؤلات العديدة التي تدور بخلد كل مصري وتزيل كثير من المخاوف والهواجس التي تملأ صدور فريق من الليبراليين والعلمانيين والأقباط وتتعلق بشكل الحكم المقبل في مصر.. هل هو ديني أو مدني؟ وماذا سيفعل الإخوان والسلفيين لو عقدوا تحالفا وكونوا ائتلاف حكم مع معطيات الدولة المدنية المستقرة منذ مائة عام وماذا عن أنشطة السياحة والاقتصاد والبنوك والفنون والحريات العامة وحق المتبرجات وحقوق العامة والخاصة؟ وكذلك الحال بشأن الخطاب السياسي مع دول العالم الكبري هل ستكون هناك علاقات مصالح وحوار أو قطيعة وتجاف, هل ستصبح مصر دولة ولاعب استراتيجي يستعيد أمجاد هذا الوطن في فترة قليلة أم تسعر الخلافات مع دول الغرب حتي تفرض علينا العزلة الدولية والاقليمية فتصير مثل حماس وحزب الله وغطائهم السياسي الأم دولة إيران. كل هذه تساؤلات مشروعة ومستحقة تحتاج اليوم قبل الغد إلي إجابات وافية صريحة ناهيك عن لغة خطاب عقلاني وموضوعي لا تأخذ أصحابه العزة بالإثم والاستعلاء والاستقواء السياسي كالذي بدا واضحا مع ملامح نتائج المرحلة الأولي فوجدنا خطابا متغيرا محوره التعالي وأخذ طابع التحدي وخطف الدولة وأحقية تشكيل الحكومة دون انتظار بقية المراحل. الأمر الذي جعل البعض يصاب بالصدمة خشية أن يتحول أصحاب التيار الديني عندما يعتلون مقاعد البرلمان والحكومة إلي تيار استئصالي اقصائي مثلما تبني أحدهم في لحظة نشوة الفوز المبكر خطاب شعبوي طائفي تحريضي حتي خيل لي ولغيري أنهم مازالوا يقرأون من كتاب قديم بالرغم من أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين.. ياجماعة الإخوان.. ياقادة السلفيين الأفضل أن تمتنعوا في هذه اللحظات عن الحديث والخطاب الاستعلائي وتنتظروا نتائج بقية الجولات ثم تخلدوا إلي انفسكم وجماعاتكم فتعدوا خطاب جديدا ورؤية مستقبلية لإنقاذ هذا الوطن لاخطفه, رؤية تتسم بالواقعية السياسية والموضوعية الجادة وان تتخلوا عن طابع المواجهة والانتقام من الشعب في صورة النظام السابق فلا شك أن الغالبية قد اختارتكم أملا في التغيير وتجريب عهد جديد وهذا سيتوقف علي نهجكم القادم ولا تنسوا أن مصر ليست جمعية خيرية بل وطنا يحتاج إلي العمل والفكر الخلاق المبدع الملهم والتواصل والانفتاح مع دول العالم فامتلكوا رؤية استراتيجية عملية عصرية لهذا البلد والأجدي لكم أن تتوافقوا مع بقية القوي السياسية المصرية التي تملك هذه الرؤية ولاتحكموا فرادي. المزاج العام في مصر متقد ومهيئ ويراقب عن قرب ماذا ستفعلون في مقبل الأيام.. لا تتعجلوا وأحسبوا كل خطوة وتخلصوا سريعا من الاستعلاء فميدان التحرير جاهز من الآن لصنع ثورة جديدة والانقلاب عليكم إذا سرتم في فلك ونهج نظام مبارك وأعمتكم السلطة وامتلاك القرار.. فلا شيء بعد الآن في مصر أصبح آمنا أو مضمونا أو هناك من هو محصن, وخذوا العبرة من عهد مبارك الجبروت الاستبدادي. المزيد من أعمدة أشرف العشري