لغة العصر الآن هي الإدارة... فليس هناك في ظل التقدم التكنولوجي مجال للمنافسة والتفوق سوي مجال الإدارة... وكلما ارتفع مستوي التنظيم الإداري في أي مجتمع كلما انعكس ذلك علي مجمل الأداء العام. وألف باء الإدارة هي النظام... لأن النظام معناه أن يلتزم كل إنسان في سلوكه وتعاملاته, ومستوي أدائه لمسئولياته بقواعد واضحة, وأسس ثابتة لا مجال فيها للاستثناء أو الفوضي أو اللامبالاة. ونحن في مصر نحلم بوضع شعار النظام والانتظام موضع التنفيذ علي طول السنوات الأخيرة, وقد كان هذا الشعار هو لب وجوهر اللافتة التي أطلقتها ثورة يوليو1952 في الأيام الأولي لها عندما كانت تحمل اسم حركة الضباط الأحرار حيث كان خطابها الأساسي للجماهير هو الدعوة إلي: الاتحاد والنظام والعمل. ولست أعرف ما إذا كان ترتيب هذا الشعار: الاتحاد والنظام والعمل كان قصدا مقصودا أم أنه جاء أمرا عفويا... ولكن الأمر المؤكد أن ذلك هو الترتيب الصحيح لأن وضع النظام بين الاتحاد والعمل يتفق وطبيعة الأشياء... فنحن لا نستطيع أن نتكلم عن العمل بمفهوم جاد وإيجابي في غيبة من النظام... وكذلك الحال بالنسبة ل الاتحاد فالاتحاد يقوم أساسا علي النظام! إننا لسنا أقل من دول كثيرة نحن- بالتاريخ والحضارة- أقدم منها عمرا وأعرق منها شأنا ومع ذلك فإن خطواتهم التي حققوا بها بعض السبق الذي يثير غيرتنا وحفيظتنا ويؤلم نفوسنا لم تكن إلا نتاجا لاحترام النظام العام. ولكن احترام النظام وإقناع الناس بذلك قبل إجبارهم عليه هو في البداية والنهاية مسألة إدارة... والإدارة ليست مجرد ثواب وعقاب فقط وإنما هي علم وفن وموهبة خصوصا عندما ترتبط هذه الممارسات الإدارية بسلوكيات الجماهير ومصالحها المباشرة. نحن بحاجة إلي إدارة تقدم المثل والقدوة ولا تتباهي بقدرتها علي الاستثناء وتجاهل القوانين من نوع ما نشهده أحيانا في شوارع القاهرة من ممارسات صارخة لا تستفز المشاعر لأنها ممارسات خاطئة فقط وإنما لأن القائمين عليها هم الحراس والأمناء علي منع وضبط مثل هذه الممارسات الخاطئة. ومرة أخري أقول: إن نجاح المنظومة الإدارية التي تولت مسئولية الانتخابات الأخيرة بتنسيق وتعاون كامل بين الجيش والشرطة والقضاء يؤكد أن أزمة مصر هي أزمة إدارة في المقام الأول! خير الكلام: الأخلاق الحميدة حلية كل إنسان مهما يكن مقامه! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله