صعود التيار الإسلامي في دول الربيع الديمقراطي العربي صار حديث كل الأوساط السياسية التي تريد أن تفهم من أجل أن تحدد رؤية وإستراتيجيات جديدة للتعامل مع الوافد الجديد. ومن عينات اللقاءات الحوارية التي تعكس حجم الإهتمام الأمريكي. بصعود ألأحزاب الإسلامية في دول اليقظة العربية, مثلما يحلو للمسئولين الأمريكيين وصف الثورات الشعبية في الشرق الأوسط. شاركت الأهرام في لقاء محدود للشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة والمفكر السياسي المعروف- قبل أيام- بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي حول الوضع في تونس بعد الانتخابات والصراع علي الدستور الجديد وقراءته لصعود القوي الإسلامية في شمال إفريقيا وفرص بقائها في الحكم والعلاقة مع الغرب. وقام الغنوشي بأول زيارة لزعيم بارز في واحدة من الحركات الإسلامية البارزة في العالم العربي للعاصمة الأمريكية بعد الثورات الشعبية حيث أجري عشرات الاجتماعات واللقاءت مع مسئولين في الإدارة والكونجرس ومراكز الأبحاث الكبري. وفي مواجهة سيل من الأسئلة, وجه الغنوشي عدة رسائل للعالمين العربي والغربي, فقال إن ما يحدث في مصر وتونس وليبيا هو إعادة لكتابة تاريخ المنطقة ويجب أن يدعم التغيير وإختيار الحركات الإسلامية من الشعوب فكرة التوافق بين الإسلام والديمقراطية وأن مهمة تونس اليوم- وهي دولة صغيرة- أن تقدم النموذج الأفضل لتطبيق الديمقراطية والتعايش بين الدين الإسلامي والقيم الديمقراطية مشيرا إلي أن الأولوية لعلاج مستويات البطالة العالية ومواجهة الفساد وتحقيق التوازن في التنمية بين مناطق وأخري بعد إهمال مناطق بعينها في السابق. وأكد الغنوشي أن توفير حياة كريمة للناس أهم من تطبيق العقاب علي الناس وقال إن العدالة أمر مهم والتطرف يؤذي وجه الإسلام. وحاول الغنوشي أن يكون واضحا قدر الإمكان فيما يعنيه فقال إن برنامج حزب النهضة لا يتضمن آيات قرآنية أو أحاديث نبوية ولكنه يترجم الدين إلي برامج تنعكس علي حياة الناس. وتطرق الشيخ الغنوشي إلي أن حركة النهضة تقبل بالتعددية الحزبية وتقبل بالهزيمة في أية إنتخابات مقبلة وستعمل في تلك الحالة علي استعادة ثقة الرأي العام ولن تنقلب علي الديمقراطية وقال خسارة انتخابات لن تكون نهاية العالم. وقال أن النهضة لا طموح لها لتصدير الثورة إلي دول مجاورة, وردا علي سؤال ل الأهرام حول السياسة الخارجية للأحزاب الإسلامية تجاه الغرب خاصة في ظل التقارب الشديد بين الحركات- والأحزاب التي خرجت من رحمها والتي يجمعها رابط الإخوان المسلمين- قال الغنوشي إن وجود حكومات لها مرجعية إسلامية في مصر وشمال إفريقيا يعتبره أمرا جيدا للقارة الأوروبية تحديدا لأنه سوف يقلل التوتر بين الحكومات الأوروبية والأقليات المسلمة في بلادهم مشيرا إلي حدوث إضرابات وحوادث إرهابية في القارة الأوروبية بعد اندلاع المواجهات في الجزائر في مطلع التسعينيات بينما اليوم سوف ينعكس المسلك الديمقراطي بشكل جيد علي علاقة الطرفين. وحدد الشيخ الغنوشي الفارق بين الديمقراطية علي الطريقة الغربية وبين التطبيق الإسلامي في المنطقة العربية, وقال أن الديمقراطية الليبرالية في الغرب تقوم علي العلمانية وأنه لا يمكن أن تكون ديمقراطيا ما لم تكن علمانيا نتيجة الصراع القديم بين المجتمع والكنيسة بينما في حالة الحركات الإسلامية المعاصرة اليوم الديمقراطية ليست مرتبطة بالعلمانية وحدها ويمكن أن تكون ديمقراطيا أو غير ديمقراطي دون مرجعية دينية. كما توجه باحثون أمريكيون بأسئلة تعكس المخاوف الأمريكية من التيار السلفي في دول الربيع الديمقراطي العربي ورد الشيخ الغنوشي أن السلفية في تونس ظاهرة جديدة دعمتها القنوات الفضائية الوافدة من الخليج وإغلاق النظام السابق لجامعة الزيتونة وهو ما عجل باستيراد أفكار من الخارج. ووصف الغنوشي ما يحدث في مصر بأنه أمر جيد لأنه شجع السلفيين علي المشاركة بواقعية في السياسة وليس الإرتكان إلي عالم المثل. وحدد الشيخ الغنوشي موقفه من الجماعات السلفية, فقال بعض تفاسير الإسلام مثل السلفيين وحزب التحرير يرفضون الديمقراطية ويرون أن سلطة الله تناقض سلطة البشر, ونحن نري أن سلطة الله تطبق من خلال إرادة الناس علي الأرض ومن خلال الشوري والديمقراطية توفر لنا تلك الالية. وقد أكدت الحلقة النقاشية المغلقة أن الأوساط الأمريكية علي اختلاف تنوعها-من الكونجرس إلي الخارجية مرورا بمنظمات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث- وجود هواجس متصاعدة حيال الظهور القوي للإسلاميين في الانتخابات الأخيرة بعضها كان متوقعا مثلما هو الحال مع الإخوان المسلمين بينما الأمر لم يكن متوقعا مع الأحزاب السلفية التي صارت قاسما مشتركا في كل حوارات النخبة بشأن تحولات العالم العربي.