الثورات في التاريخ أنواع, بعضها يكون مجرد هبات لمحاربة ظلم دام وطغي, وبعضها الآخر يكون له أيدلوجيات شمولية نازية أو فاشية أو شيوعية أو إسلامية. وهي في العادة يكون لها نموذج للعالم تظنه يصنع الإنسان الكامل وفيها يكون البشر والحجر جزءا من منظومة بالغة الإحكام, وبعضها الثالث يكون ديمقراطيا لا يريد أكثر من وضع النظام الذي يعطي الشعب الحق في قول كلمته بصورة دورية, ويحاسب من خلال ممثليه طوال الوقت, ولا يوجد فيه ما هو أبدي, أو ما يدوم, التغيير هو الثابت الوحيد في كل شيء وفي المقدمة يوجد ما يعرف بتداول السلطة. إلي أي نوع تنتمي ثورة يناير المصرية لم يكن أبدا واضحا, كان نقد النظام السابق ورفضه يفهم أحيانا علي أن عكس ما كان فيه يعني الديمقراطية, ولكن هذا التوجه لم يمنع أبدا من وجود زنصوصس أخري تري الموضوع كله طريقا إلي نموذج متكامل سوف يجري تطبيقه باسم الشعب, وطالما كان هذا الأخير له زهويةس بعينها فسوف تأخذها جماعة منا وتجعلها نظاما سياسيا, ولدي آخرين يتحدثون أيضا باسم الشعب رأوا أنه طالما كان يطالب بالعدل فإن القضية برمتها هي إعادة توزيع الثروة. ولكن مثل هذه المعاني لم تمنع أبدا وجود معني ذ أو لا معني- آخر, وهو أن القضية هي استمرار الحالة الثورية, وطالما أن نقصا ما سوف يكون موجودا دائما, فإنه يكفي لكي تستمر الثورة بعنفوانها في الميادين والشوارع بحيث يبقي الشعب واقفا علي أطراف أصابعه في انتظار لحظة ما لا يعرف أحد علي وجه التحديد متي تأتي, ولكنها سوف تحمل السعادة, والسرور والحبور. خروج الشعب المصري للتصويت في الانتخابات التشريعية والدستورية كان أول إشارة أنه يريدها ديمقراطية يكون فيها الاحتكام إلي صناديق الانتخابات. كان الاختيار واضحا, فقد كان هناك من يريد استمرار الثورة في ميدان التحرير حتي تتم الإطاحة بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة, وكان هناك من يريد أن يبقي الناس في البيوت خوفا أو اختيارا, لكي تكون هناك مصداقية لفكرة المقاطعة, ولكن الاختيار كان الذهاب بكثافة تمنع العنف والبلطجة والرشوة. استمرار هذه العملية عبر انتخابات الإعادة, والمراحل المختلفة للانتخابات سوف تعطي مزيدا من الإشارات والمعاني التي تحول الإشارة إلي تيار لا يستطيع أحد مقاومته, أو هكذا نأمل, فالثورات الديمقراطية هي وحدها التي عاشت وبقت وحققت تقدم بلادها, أما غيرها فقد ذهبت إلي صفحات التاريخ. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد