تحليل اخباري- آمال علام: ما بين مليونيات التحرير ووقفات العباسية واخفاقات حكومة شرف دخل الاقتصاد المصري إلي منزلق خطر ولا نستطيع تحميل الحكومة السابقة وحدها هذا الاخفاق, فالأسباب الخارجة عن إرادتها كثيرة. صورة الاقتصاد المصري دون تجميل هي وصول عجز الموازنة المعلن إلي11%, وانخفاض الاحتياطي النقدي تدريجيا الذي قد يصل في يناير2012 إلي15 مليار دولار. وقد سحبت الحكومة من البنوك علي المكشوف85 مليار جنيه لمواجهة زيادة النفقات العامة بنسبة19%, كما اصدرت وزارة المالية اذون وسندات خزانة بقيمة87,7 مليار جنيه لتغطية العجز, وهذا الدين يكلف موازنة الدولة206 مليارات جنيه. وعلي الرغم من أن الدعم وصل إلي133 مليار جنيه فان نصيب الفقراء طبقا للتصريحات الرسمية لم يتجاوز ال5 مليارات جنيه, ومعدل البطالة الحالي وصل إلي20% من قوة العمل في السوق المصرية, أيضا تضاعفت الواردات وأغلقت مصانع وتعطل الإنتاج. فهل تملك حكومة الجنزوري حلا سحريا لعلاج كل هذه المصاعب وتخطيها طبقا لجدول زمني معقول؟! البعض يري أن هذا مستحيل. ولكن هناك بارقة أمل تكمن في خبرة د.الجنزوري تتمثل في درايته من أين نبدأ! فقد أعلن د.الجنزوري أنه سيتمكن من تعيين ما يقرب من500 ألف طالب عمل وسيدير عجلة الإنتاج مرة أخري وسيضبط حركة الواردات, والمتابع لتصريحات رئيس الوزراء سيعرف أن البداية ستكون احياء ما يمكن تسميته بالمشروعات العملاقة مثل توشكي وشرق العوينات, وستستوعب هذه المشروعات عمالة قد تتجاوز ما حدده رئيس الوزراء وستدير عجلة الإنتاج. وقد يكون أهم ما في هذه المشروعات هي عودة مصر إلي أصلها كما كان يتمني د.الجنزوري منذ توليه وزارة التخطيط بأن تكون مصر دولة زراعية أولا ثم تأتي باقي القطاعات تباعا, مع عدم اغفال الصناعة والسياحة بالطبع فهل هذا التوجه يظل مناسبا الآن في الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد العالمي نحو زيادة القيمة المضافة من خلال أنشطة اقتصادية أخري. ويمكن القول أن أهم ما يميز رئيس الوزراء الحالي هو معرفته الدقيقة بكل مشروع زراعي أو صناعي في مصر ويعرف أين هو الاختناق ولماذا لم يكتمل.. فهل يعرف د.الجنزوري كيف يقضي علي هذا الاختناق؟ وهل يكفي الوقت الممنوح للوزارة لاحياء مثل هذه المشروعات العملاقة؟ الهدف النهائي لأي وزارة هو أن تكون مصر دولة قوية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا, لذلك فان الأمر يتطلب أيضا النظر إلي السياسة الضريبية وتنمية الموارد السيادية أيضا السياسة النقدية ودفع البنوك الوطنية إلي تمويل مشروعات خاصة ناجحة ثم بيعها وهكذا دون ارهاق لموازنة الدولة. أيضا نطالب الجنزوري بإعادة الدور الفعال لبنك الاستثمار القومي والذي أسهم بشكل كبير في امتصاص كثير من الصدمات التي تلقاها الاقتصاد المصري من قبل وتفعيل دور البنوك المتخصصة الزراعية والصناعية والتنموية التي تستطيع أن تمول مشروعات صغيرة تزيد الإنتاج والتصدير وتنقذ شبابنا من البطالة.