مرت المرحلة الأولي من الإنتخابات بسلام دون أعمال عنف أو بلطجة كانت متوقعة, خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني وما شهده ميدان التحرير في الأحداث الأخيرة التي استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة غير المشروعة. وهو ما اعتبره الكثيرون نذير شؤم خاصة وأن اعمال العنف كانت أمرا معتادا ومشهدا متكررا في جميع الانتخابات التي شهدتها مصر خلال النصف قرن الماضي حتي في ظل قوة واستقرار الأجهزة الأمنية. ورغم تكهنات الخبراء قبل عملية الاقتراع بأن مصر في انتظار كارثة وأن عمليات شحن كبيرة خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الطابع القبلي والعصبيات مثل محافظات الصعيد التي انتشرت فيها تجارة الأسلحة بشكل كبير وتناولته وسائل الإعلام المختلفة وكأن مصر في انتظار كارثة أو حربا أهلية وليست في انتظار عملية مرور إلي ديمقراطية حقيقية بدون بلطجة أو مصالح أو تزوير. اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي يتوقع تكرار مشهد المرحلة الأولي الحضاري بالمرحلتين الثانية والثالثة من انتخابات هادئة وذلك بعد أن اثبتت تجربة الاقبال الكبير علي التصويت أن الشعب هو الضامن لحماية حريته وأن نزول الناخبين الي الشارع بهذه الكثافة كان بمثابة درعا واقيا ضد كل يحاول الخروج عن الشرعية ويروع المواطنين أو يقوم بأعمال بلطجة من شأنها تعطيل عجلة الديمقراطية. وقال مسلم إن القوات المسلحة والشرطة قد نجحا في تأمين مقار الانتخابات تأمينا كاملا من خلال خطة محكمة سواء لمنع البلطجة أو تأمين المقار والصناديق في الليلة الأولي من الاقتراع والتي ثار حول تأمينها لغطا كثيرا حتي أن المواطنين ظلوا امام اللجان يحرسونها حتي صباح اليوم التالي, وأن المجلس العسكري قد نفذ وعده باجراء انتخابات نزيهة يتمني أن تستمر في المرحلتين التاليتين. من جانبه أوضح اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني والاستراتيجي أن هناك أربعة عوامل قد أسهمت بشكل كبير في خروج المرحلة الأولي من الانتخابات بشكل آمن خالي من البلطجة وأعمال العنف والتزوير, العامل الأول هو وعي الشعب الذي كان علي قدر كبير من المسئولية والاصرار علي ممارسة حقوقه السياسية ولم يخشي التهديدات والتوقعات التي تنبأت بالعنف مسبقا وخرج الناس ففوتت الفرصة علي البلطجة في أن تخلو لهم الأجواء وجعلهم يفكرون عشرات المرات قبل أن يقترفوا أفعالا اجرامية أو أن يحاولون اخراج قطار الحرية عن مساره, وأن خوف البلطجية من المد الشعبي في الشارع قد حال دون تنفيذ مخططاتهم. وأضاف اليزل أن العامل الثاني لاختفاء ظاهرة العنف في تلك الانتخابات هو أن عشرات الالاف من المواطنين الذين خرجوا معا للتصوين يستطيعون التصدي لأي بلطجية وأن البلطجية قد تيقنوا بأن محاولاتهم محكوم عليها بالفشل الحتمي, أما العامل الثالث فهو اصرار القوات المسلحة علي تأمين العملية الانتخابية بكفاءة من خلال الانتشار الكثيف باللجان, هو أن الاسلحة التي يتم تهريبها يصعب استخدامها في أماكن محدودة أو شوارع سكنية ضيقة. ورد اليزل علي التساؤلات التي أثيرت بعد تأمين المقار الانتخابية تأمينا جيدا في ظل حالة الانفلات الأمني وأنه قد يكون هناك تقاعس في جهاز الأمن قائلا: ان تأميل دولة أمر مختلف تماما عن تأمين لجان انتخابية فالأخيرة عبارة عن أماكن محدودة في الغالب تكون مدارس تستطيع القوات السيطرة عليها وتأمينها تأمينا جيدا وهم أمر يختلف عن تأمين دولة بحجم مصر وطالب بإعادة النظر في السياسة الأمنية التي تتبعها الشرطة في المرحلة الجديدة.