أنا الشعب أنا الشعب لا أعرف المستحيلا ولا ارتضي بالخلود بديلا، تذكرت هذه الأبيات الخالدة للرائع كامل الشناوي، وأنا أتابع بحكم عملي سير العملية الانتخابية في المرحلة الأولي من أول انتخابات برلمانية تشهدها مصر بعد ثورة يناير. رأيت حماسة وشغفاً في العيون، رأيت رغبة حقيقية من شعب محترم أراد المضي قدما نحو الأمام، رأيت روحا وطنية خالصة دفعت بالكبير قبل الصغير للإدلاء بأصواتهم لأنهم أحسوا أخيرا بأن أصواتهم لها قيمة، أصواتهم أصبح يعتد بها. هذه الطوابير التي فاقت الوصف لناخبين وناخبات برعوا في إبهار الجميع بإراداتهم الحرة التي تحدت الأوضاع الأمنية المتردية وخرجوا بشجاعة فائقة وإصرار للمشاركة في صنع المستقبل. لقد أراد الشعب المصري أن يضرب مثلاً يحتذي به في الإيجابية والوطنية الخالصة، فالإقبال الغير مسبوق علي صناديق الاقتراع في المرحلة الأولي من الانتخابات خير دليل علي ذلك، فعلي الرغم من اختلاف التوجهات والانتماءات، نزل الجميع بعزيمة لا تقهر، وإرادة حرة دفعتهم للنزول إلي المقار الانتخابية وتحمل مشقة الازدحام في طوابير الاقتراع بلا كلل أو ملل. رأيت شيوخا يصوتون لأول مرة في حياتهم، لأول مرة يرون صناديق الاقتراع، لأول مرة يشعرون أن مشاركتهم واجب وطني في أعناقهم، رأيت شباباً يشكلون لجان شعبية لتنظيم وتأمين سير العملية الانتخابية في ظل الغياب الأمني الذي تشهده البلاد، رأيت سيدات وفتيات حرصن علي المشاركة والتفاعل مع حدث تاريخي يأتي في مرحلة حرجة من تاريخ الوطن، رأيت الجاليات المصرية في مختلف البلدان العربية والأجنبية يتسابقون للإدلاء بأصواتهم، الجميع في الداخل والخارج يجمعهم الأمل في الغد، يتوسمون خيرا في المستقبل، يتحدون العراقيل ويصرون علي دفع دفة البلاد إلي الأمام. هذه المشاهد الرائعة دفعتني لأترحم علي أرواح الشهداء وأحيي مصابي الثورة فلولا تضحياتهم التي لا تقدر بثمن، ما وصلنا لهذا اليوم الذي سمح فيه للناخب المصري في داخل وخارج مصر بالتصويت ببطاقة الرقم القومي، سمح فيه للناخب المصري أن يشارك بحق في صنع مستقبل أفضل لمصرنا الحبيبة، تحية لأرواحهم الطاهرة التي ترفرف في سماء مصر لتطالبنا باستكمال المسيرة وتدعونا لمواصلة النضال فالطريق مازال طويلاً ويحتاج لتضافر الجهود وتوحيد الصفوف، وتحقيق مطالب الثورة التي من أجلها ضحي ومازال يضحي شباب مصر. كما أوجه التحية لهذا الشعب العظيم الذي مازال يبهر العالم ويكتب تاريخه بحروف من نور، فمهما كانت نتيجة هذه الانتخابات، فلابد أن نحترم الشرعية، ونعمل معا، لا يهم من الفائز بالمقاعد، أو من الخاسر؟ لا يهم من استحوذ علي أكبر عدد من المقاعد، بقدر ما يجب علينا أن نعترف بثقافة الاختلاف، ونعمل علي نبذ ما يفرقنا فالقوة الحقيقية تنبع من وحدة الصف ونبذ الفرقة. المزيد من مقالات علا حمدى