لم يتخيل أكثر المتشائمين أن ينتهي يوم الانتخابات في المرحلة الأولي هذه النهاية المأساوية التي شهدها مقر فرز دائرة المطرية والسلام .فعلي مساحة أكثر من ثمانية آلاف متر وسرادق لا تتعدي مساحته الألف متر اختار المسئولون في المحافظة واللجنة العليا للانتخابات مركز شباب يفتقر لأدني الخدمات مقرا لفرز صناديق الدائرة.. مركز شباب النهضة.. وهو مكان ناء بصحراء السلام اختفت منه أبسط الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء, فضلا عن دورة مياه غير آدمية. ففي مركز شباب النهضة حدثت مآس عديدة وشهدت غضبا واحتجاجا من كل الموجودين, خاصة القضاة المشرفين, حيث فوجئوا بأن مكان الفرز هو أرض مركز الشباب بعدما امتلأ السرادق الصغير عن آخره ولم يعد فيه مكان لقدم. المشهد كان باعثا علي غضب القضاة وثورتهم فارتفعت الأصوات وحدثت مشاحنات عديدة مع رئيس اللجنة المشرفة المستشار محمد عبدالمقصود واتهم بعض القضاة اللجنة بأن ما يحدث هو فوضي متعمدة, وهدد البعض بعدم فرز الصناديق في هذا الجو والبيئة الغريبة, وارتفعت أصوات عدد منهم بأن ما يحدث يهدد ببطلان الانتخابات في الدائرة كلها. ثورة الغضب لم تشمل فقط القضاة المسئولين عن الفرز وإنما امتدت إلي الموظفين المسئولين عن الصناديق والكشوفات, ولم يفلح الحل الذي طرحه رئيس اللجنة بانصراف القضاة الذين لم يبدأوا الفرز بعد, وقوبل بهجوم كبير عليه. أحد القضاة, رفض ذكر اسمه, قال: إن ما يحدث إهانة شديدة للقضاء كاملا.. كيف أفترش الأرض اليوم, وغدا أكون علي المنصة؟! ما يحدث هو إهانة لمصر كلها. القاضي الغاضب وكثير من زملائه رفضوا مغادرة اللجنة وأصر هو والموظفون علي استكمال الفرز, وقال: نحن هنا في المعركة ونحن جنود المعركة ولا يصح التراجع, وعلينا أن نكمل. غضب القضاة لم يكن ناجما فقط علي المكان المهين والسييء للغاية الذي اقترحته المحافظة ووافقت عليه اللجنة, ولكن ما أجج الغضب أكثر هو تعرضهم للإهانة من الناخبين علي مدي يومي الانتخابات, وظنوا أن بوصولهم للفرز قد انتهي الأمر, لكن ما رأوه أثار غضبهم بشدة. احتجاجات وغضب القضاة ومعهم الموظفون وبرغم التعب والإرهاق والإهانة لم يجعلهم يتخلوا عن عملهم في فرز الصناديق, وتحملوا مشاق عديدة وظروفا غير آدمية, ولكنهم قضاة وموظفين أكدوا أن ذلك لن يتكرر مرة أخري, ولن نسمح لأحد من كان أن يضعنا في هذا الموقف المخزي. ووسط الجو المشحون بالغضب والتوتر لأقصي درجة لم نجد مسئولا يجيب عن تساؤلات القضاة والموظفين في اختيار المكان وعدم توافر إضاءة تمكنهم من ممارسة عملهم. حيث أكد اللواء المشرف من القوات المسلحة وكذلك لواء من الشرطة أن مسئوليتهم هي تأمين الصناديق والمكان من الخارج فقط, وغير مسموح لهم بالوجود داخل اللجان إلا إذا حدثت مشكلة.