في الوقت الذي تابع فيه المجتمع الدولي ووسائل الإعلام العالمية مؤشرات ونتائج الجولة الأولي من المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية المصرية تواصلت التصريحات المتفائلة من جانب العديد من دول العالم وكذلك تعليقات كبار الكتاب في الصحف ووسائل الإعلام المرموقة حول مدي نجاح المصريين في إجراء الانتخابات. وهو ما وصف بأنه مفاجأة سارة للجميع, بعد أن كانت العملية الانتخابية قد بدأت في ظل مخاوف جمة من الأوضاع الأمنية والانقسام السياسي. فأمريكيا, وبعد التصريحات الإيجابية من جانب الخارجية الأمريكية, أشاد ديفيد دراير رئيس لجنة المشاركة الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي بأول انتخابات مصرية بعد ثورة52 يناير, وبحرص المصريين علي المشاركة فيها, وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الألمانية قبل مغادرته القاهرة أمس عقب زيارة استغرقت أربعة أيام شارك خلالها في مراقبة الانتخابات: التقيت بعدد من المصريين خلال الانتخابات, وأكدوا لي أن مشاركتهم في الانتخابات كانت من أسعد الأيام, لأن أصواتهم ستشارك في تقرير مستقبل مصر. وأضاف أن ما أثار انتباهي خلال متابعتي لسير الانتخابات في بعض اللجان بالقاهرة هو الحماس الشديد من جانب المواطنين المشاركين في التصويت, إلي جانب الحرصوالالتزام الشديدين من القضاة المشرفين علي الانتخابات والمنظمين لها علي القيام بعملهم, في إشارة إلي القوات المسلحة والشرطة, بصورة تضمن انتخابات نزيهة وشفافة وعادلة. وأوضح دراير أن السلبيات كانت طفيفة, وأشار إلي أنه لا توجد أي انتخابات مثالية في جميع دول العالم بما فيها الولاياتالمتحدة, حيث قال إنه توجد بعض التجاوزات التي لم تؤثر علي سير العملية الانتخابية. ومن جانبها, اعتبرت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية في تقرير لها أن نجاح الانتخابات أثار الجدل حول مستقبل العلاقة بين المصريين والمجلس العسكري الحاكم في مصر, حيث اعتبرت الصحيفة أن المجلس أصبحت له مصداقية كبيرة بسبب الإقبال الكبير علي أول انتخابات برلمانية بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك, وأشارت الوكالة إلي أن هذه الانتخابات تعد الأكثر حرية ونزاهة في الذاكرة الحية. وأوضحت الوكالة أيضا أن ما لفت النظر هو أن الجيش لم يدعم مرشحين في الانتخابات البرلمانية, لكن إجراء الانتخابات بطريقة سهلة وحرة وناجحة ستدعم بالتأكيد موقف المجلس العسكري في صراعه المرير مع شباب التحرير الذين يصرون علي نقل السلطة فورا إلي سلطة مدنية. ونقلت الوكالة عن اللواء إسماعيل عتمان عضو المجلس العسكري قوله: نحن عندما نخطط ننفذ, وفي النهاية ننجح. وأضافت أنه يبدو أن النجاح المتحقق للمجلس العسكري في المرحلة الأولي من الانتخابات سحب البساط من تحت أقدام ثوار التحرير, ولو بشكل مؤقت, علي حد وصفها. وقال سامر سليمان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية وأحد مؤسسي الحزب الديمقراطي الاجتماعي للوكالة نفسها إنه صوت في الانتخابات أمس الأول ثم عاد إلي ميدان التحرير فوجده خاليا إلا من الباعة الجائلين, وأعرب عن اعتقاده بأن الجيش حقق فوزا كبيرا في الانتخابات, وأن الجنود في مراكز الاقتراع بابتسامتهم العريضة وأدبهم الجم يعطون الانطباع أنهم يحملون البلد علي أكتافهم. ولكن الوكالة أشارت إلي رأي آخر يقول إن نجاح العملية الانتخابية قد يشجع المجلس العسكري علي زيادة سلطاته وتوسيع نفوذه في المرحلة المقبلة. أما صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فقالت إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أشادت بالانتخابات المصرية التي تعد الأكثر حرية ونزاهة في التاريخ, وهي الانتخابات التي أصرت عليها واشنطن بالرغم من اعتراض متظاهري التحرير. وأشارت الصحيفة إلي أن الإدارة الأمريكية أرادت إجراء الانتخابات علي الرغم من أنها كانت تخاطر بتراجع نفوذها وأصدقائها في الشرق الأوسط. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر أنه من المهم أن تجري مظاهرات في التحرير ولكن المستقبل الحقيقي والديمقراطي لمصر سيحدده صندوق الاقتراع, وأضاف أن الشعب المصري الآن يمارس حقه الديمقراطي بشكل سلمي, وهو ما سيقود إلي تغيير ديمقراطي حقيقي علي المدي البعيد. وذكرت واشنطن بوست أيضا أن الانتخابات المصرية جددت ثقة الإدارة الأمريكية في أن مصر علي طريق سيتم تدريسه وسيقود إلي التحول الديمقراطي, وأضافت أن واشنطن ملتزمة باستراتيجية دعم المجلس العسكري حتي تسليم السلطة بالرغم من إخفاقاته في التعامل مع المتظاهرين. وتساءلت واشنطن بوست: هل سيحترم جنرالات مصر قوة نتائج الانتخابات؟ بينما اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز أن مؤشرات النتائج التي تفيد بتقدم التيار الإسلامي في المرحلة الأولي تعني أن الإسلاميين سيشكلون تحديا واضحا لجنرالات الجيش. وفي لندن, شددت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي علي سلمية عملية التصويت في المرحلة الأولي, إلا أنها أكدت أن مهام البرلمان المقبل ما زالت غير واضحة, كما لم يتضح ما إذا كان قادرا علي حل الأزمة مع المجلس العسكري حول حجم سلطته في الدستور الجديد الذي ستتم صياغته العام المقبل. وأوضحت أنه من المتوقع أن تسيطر كتلة إسلامية قوية علي البرلمان الجديد بقيادة الإخوان المسلمين وبعض الجماعات الليبرالية وبعض فلول الحزب الوطني المنحل. أما شبكة يورو نيوز الإخبارية الأوروبية فقالت إن الإقبال كان هائلا وغير متوقع في المرحلة الأولي, وأشارت إلي أنه كانت هناك حالة من الإصرار من الناخبين المصريين علي إبعاد الفاسدين من عناصر النظام السابق نهائيا عن البرلمان المقبل, وفي هذا الصدد نقلت عن أحمد فضل مدير موقع إمسك فلول قوله: أطلقنا هذه الحملة لوقف عناصر الوطني السابقين من محاولاتهم في الحصول علي مقاعد بالبرلمان. ومن أنقرة سيد عبد المجيد: وصف رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية بأنها خطوة مهمة, مؤكدا أن مصر تمتلك القدرة والخبرة لإتمام الانتخابات الرئاسية في غضون فترة قصيرة. وطالب أردوغان في خطابه الشهري الذي وجهه للامة أمس الاول بأن تتم قراءة مشهد المظاهرات في التحرير في سياق كونه مؤشرا واضحا علي أن الشعب المصري يرغب في الاستقرار في أقرب وقت ممكن, متمنيا أن يلبي المجلس العسكري طموحات الشعب المصري الصديق والشقيق في عدم إتاحة المزيد من إراقة الدماء, وأن تتوصل هذه العملية بنجاح. وأضاف أردوغان أن رياح التحول والتغير والتي بدأت في تونس ثم مصر وليبيا واليمن وسوريا, لا يزال تأثيرها مستمرا علي كافة بلدان المنطقة, مشيرا إلي أنه لا توجد حكومة في المنطقة يمكنها أن تتجاهل المطالب الديمقراطية المشروعة. ومن برلين- مازن حسان: أشاد الحزب الإشتراكي الديمقراطي في ألمانيا بالمرحلة الأولي للانتخابات المصرية, ووصفها بأنها خطوة للأمام, بالنظر إلي الإقبال الكبير من المواطنين للمشاركة فيها لمنح من يمثلهم إطارا شرعيا. وصرح راينر ستينر المتحدث باسم الحزب للشئون الخارجية بأنه يتعين علي ألمانيا وأوروبا أن تراقب التطورات بعناية, وأن تتحاور مع القوي السياسية الجديدة وخاصة التيار الإسلامي والإخوان. وقال إنه بعد رفض الحوار معهم في الماضي لا يمكن الآن التحول في الموقف بشكل جذري والاعتراف بشرعيتهم, ولكن يجب قبول ما ستسفر عنه الانتخابات من نتائج, وأن تقدم ألمانيا وأوروبا الدعم المتاح لدفع التطور الاجتماعي والاقتصادي في مصر, وخاصة في مجال فتح أسواق أمام المنتجات المصرية, وفي مجال الطاقة الجديدة. ومنفيينا- مصطفي عبد الله: أشادت وزارة الخارجية النمساوية بالمرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية المصرية والتي اتسمت بالإقبال الشديد من قبل الناخبين, وخاصة من النساء, مما يدل علي عودة ثقة المواطنين في شفافية ونزاهة العملية الانتخابية. وأشاد شالن برج المتحدث باسم الخارجية النمساوية بالصور التي تناقلتها جميع وسائل الإعلام بشأن طوابير الانتظار أمام لجان الاقتراع والتي كانت طويلة للغاية, لكنه أشار أيضا إلي أن الحركة داخل اللجان نفسها كانت سريعة, حيث استغرق الأمر لتصويت الفرد الواحد نحو خمس دقائق فقط. وتقدم المتحدث بالشكر إلي جميع المصريين الذين تغلبوا علي حملة التخويف التي سادت طوال الايام الماضية من احتمال اندلاع اعمال عنف في العملية الانتخابية ونزلوا بكثافة غير مسبوقة.