كان تصحيح محافظ كفرالشيخ, من أنه لا يري مانعا من قيام المعلمين بإعطاء الدروس الخصوصية بشرط أن يؤدوا مهامهم في الفصل المدرسي بأمانة وإخلاص,هو أول اعتراف لمسئول يتسم بالواقعية والجرأة. مما يقطع باقتناعه بأنه برغم ما يتردد من أن الدروس الخصوصية تعد إحدي آفات التعليم التي تشكل مخالفة صريحة للوائح, فإن هناك شبه إجماع علي أنها غدت تعليما موازيا له مبرراته وأسبابه, وأن المسئول عنها ليس المعلم وحده, ولكنها ترجع إلي أسباب مالية وفنية وتنظيمية تراكمت علي مر السنين وجعلت من هذه الدروس مطلبا ضروريا لكل تلميذ لم يعد يجد في الفصل الدراسي الظروف والآليات التي تساعده علي الاستيعاب الجيد للعلوم, أو علي الالتحاق بالمرحلة التعليمية الأعلي خاصة الجامعية. هذا فضلا عما حدث في بداية العام الدراسي الحالي علي وجه الخصوص, حيث داهمت إنفلونزا الخنازير المجتمع المصري, بما أحدثته من تداعيات, كان أبرزها انعكاساتها علي المدارس التي كادت تفقد وظيفتها طوال الفصل الدراسي الأول نتيجة لإغلاق بعض الفصول حينا وإغلاق مدارس بأكملها في أحيان أخري بعد ظهور إصابات بالمرض بين تلاميذها, فغاب دور معلم الفصل وحرم التلاميذ من شرحه ومتابعته مما أدي إلي زيادة أخري في معدلات الدروس الخصوصية. ويؤكد هذه الحقائق ما نشرته الأهرام أخيرا حول المؤتمر الذي نظمته جمعية حوار المستقبل من مؤشرات, من أهمها أن50% من دخل الأسرة المصرية تستنزفه الدروس الخصوصية. وهو ما يؤكد أن كثيرا من الآباء والأبناء والمسئولين باتوا يرون أن الدروس الخصوصية غدت عملا مشروعا ومقبولا. والمتوقع وما يتعين الاعتراف به هو أن الدروس الخصوصية ستظل منتعشة لسنوات قادمة إلي أن يتم القضاء علي مسبباتها, وهو ما يتطلب وقتا طويلا, أو إذا تم اللجوء إلي الأساليب البوليسية بإنشاء شرطة للتعليم علي غرار شرطة التموين وشرطة السياحة وشرطة الكهرباء لضبط المخالفات في قطاع التعليم وعلي رأسها إعطاء الدروس الخصوصية, وهو إجراء مرفوض تربويا, ولا يقضي وحده علي سلبيات العملية التعليمية الكثيرة, وبناء عليه فلا مفر من المبادرة بالقضاء علي جميع مسببات هذه الظاهرة أولا حتي تستعيد المدرسة دورها, وتحقق ما تستهدفه من جودة التعليم فعلا. فؤاد جاد المدير العام بوزارة الداخلية سابقا