الواضح أن هناك فجوة غير صغيرة بين أفكار ورؤي جماعات عديدة من ثوار التحرير والمجلس العسكري الأعلي تباعد بين الطرفين فضلا عن أزمة ثقة شديدة تزداد كل يوم اتساعا. وربما لهذه الأسباب لم يصادف خطاب المشير طنطاوي قبولا لدي معظم هذه الجماعات التي تصر علي البقاء في الميدان إلي أن تتحقق مطالبها, ويسلم المجلس الأعلي سلطة الحكم إلي حكومة إنقاذ وطني, تتمتع بصلاحيات كاملة تمكنها من إعادة ترتيب أولويات المرحلة الانتقالية, بصرف النظر عن موعد الانتخابات البرلمانية التي لا يتحمس لها معظم المعتصمين في الميدان, لكن مشكلة الميدان هذه المرة أنه لا يحظي بإجماع وطني واسع, لأن نسبة غير قليلة من الشعب المصري ضجرت وسأمت من هذه الفوضي التي تأخذ مصر إلي المجهول!, رغم تعاطفها الشديد مع الشهداء والمصابين ورفضها الاستخدام المفرط للعنف. والواضح أيضا أن مصر منقسمة علي نفسها علي نحو غير مسبوق, لأنه في مواجهة المعتصمين من شباب الثورة في ميدان التحرير الذين لا يهمهم كثيرا أن تتم الانتخابات البرلمانية في موعدها لأنه لا ناقة ولا جمل لهم فيها هناك أطراف أخري تتمثل في جماعات الإخوان المسلمين وبعض قوي السلفيين ومعظم الأحزاب المدنية الجديدة والقديمة, لا تزال تعتقد أن إجراء الانتخابات البرلمانية يشكل المخرج الصحيح من الأزمة الراهنة وتري أن خطاب المشير طنطاوي قد عالج الجزء الأهم من المشكلة بقبوله إجراء الانتخابات الرئاسية قبل يونيو2102, وكل ما يريدونه الآن هو ضمانات التنفيذ, بحيث يتم تسليم السلطة عقب الإنتخابات البرلمانية والرئاسية وتعود القوات المسلحة إلي ثكناتها قبل منتصف عام.2102 وقد يكون هذا الطريق الواضح هو الأسهل والأيسر للحفاظ علي كرامة كل الأطراف, وتجنيب البلاد صراعات لا ضرورة لها, ووقف تصعيد الخلاف بين ميدان التحرير والمجلس الأعلي, وتفادي إيلام وتجريح القوات المسلحة التي لا تزال تمثل بالنسبة لكل مصري ذخرا استراتيجيا ينبغي الحفاظ علي مكانته وكرامته.., وقد يتمثل المخرج الصحيح في حكومة وحدة وطنية بدلا من حكومة د.عصام شرف تتمتع بصلاحيات كاملة تشارك فيها أكثر العناصر مصداقية علي الساحة السياسية وتضم بعضا من شباب الثورة, تتولي معالجة قضية الانفلات الأمني, وتنظيم إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية, والتحقيق في حوادث قتل المعتصمين. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد