تحول المجلس الأعلي للقوات المسلحة أمس إلي نقطة شد وجذب بين المصريين الذين خرج مئات الآلاف منهم إلي ميدان التحرير وميادين أخري في عواصم المحافظات مطالبين برحيل المجلس وتسليم السلطة للمدنيين. بينما تظاهر الآلاف في العباسية وعواصم عدة محافظات داعين إلي بقاء المجلس كضمانة للاستقرار في البلاد الأمر الذي يؤشر إلي أن البلاد تدخل مرحلة الانقسام. إلا أن الحدث السياسي الأبرز كان في مقر وزارة الدفاع, حيث أصدر المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي قرارا بتعيين الدكتور كمال الجنزوري رئيسا للوزراء بصلاحيات كاملة. وسيطر الموقف من المجلس ومن تعيين الجنزوري علي مواقف المتظاهرين وعلي اللافتات والشعارات المرفوعة. وقد خرج الجنزوري ليؤكد في مؤتمر صحفي أن حكومته كاملة الصلاحيات وتهدف إلي الصالح العام وتحقيق رضا كل القوي السياسية إلا أن متظاهري التحرير هددوا بمنعه من دخول مقر مجلس الوزراء إذا حاول التوجه إليه. في جمعة غلب عليها التوحد في المطالب وغابت عنها المنصات, ارتفعت اصوات مئات الآلاف مدوية في ميدان التحرير, للمطالبة برحيل المجلس العسكري وعودة الجيش الي ثكناته, وتسليم السلطة إلي حكومة مدنية منتخبة. وظل الشعار الرئيسي الذي ساد أرجاء الميدان هو الشرعية من التحرير..ارحل..ارحل يا مشير, وندد المتظاهرون الذين حرصوا علي الالتزام بموقف موحد, بوحشية تعامل الشرطة خلال الأيام القليلة الماضية مع معتصمي التحرير في شارع محمد محمود, وشهدت مليونية أمس, حضورا لافتا للدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل للرئاسة, الذي أدي صلاة الجمعة في الميدان, حيث التف حوله المئات من أنصاره رافعين الأعلام ومرددين الشعارات المؤيدة له, وأكد البرادعي ان مصر تستحق الأفضل, وأنه معهم قلبا وقالبا, وطالب المتظاهرين بالاستمرار في الاعتصام حتي تتحقق مطالب الشعب المصري. ورغم حضور البرادعي, فإن عديدا من الشباب وزعوا المنشورات التي تدعو إلي عدم رفع أي لافتات حزبية, ومنع أي دعاية لمرشحي الانتخابات البرلمانية أو الرئاسة والحفاظ علي سلمية الثورة. وكان اليوم المليوني وعنوانه جمعة الفرصة الأخيرة قد بدأ بتوافد عشرات الآلاف من أنحاء العاصمة ومن ابناء المحافظات الذين حرصوا علي اعلان دعمهم للمعتصمين في الميدان. ثم أدي المتظاهرون صلاة الجمعة التي أم فيها المصلين الشيخ محمد جبريل, وسبقتها خطبة ألقاها الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم, وانتقد فيها المجلس العسكري مطالبا بسرعة تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتألف من البرادعي وحمدين صباحي وعبدالمنعم ابو الفتوح. ودعا شاهين جميع أبناء مصر إلي توحيد الصفوف وعدم الاختلاف لتحقيق اهداف الثورة. وبدورها شهدت الإسكندرية تجمع الآلاف من مختلف القوي السياسية للمطالبة برحيل المجلس العسكري, بينما خرجت مسيرات تطالب ببقائه لحين إجراء الانتخابات وتسليم السلطة, وطالب الشيخ المحلاوي المصلين في مسجد القائد ابراهيم بالتصويت في الانتخابات البرلمانية. كما شهدت معظم المحافظات مظاهرات تدعو إلي تسليم السلطة فورا, في حين خرجت مظاهرات أخري تطالب ببقاء المجلس العسكري حتي نهاية المرحلة الانتقالية.