ينتاب المصريون خوف شديد في الأيام الأخيرة من انزلاق مصر باتجاه الفوضي, وبالرغم من الشواهد الكثيرة التي تفسر هذه المخاوف. إلا أن هناك تفسيرا قد يكون أكثر مدعاة للفزع, وذلك الخاص باطلالة الدولة العميقة بوجهها القبيح لتضرب بعنف المحاولات الخجولة لتغيير بنية النظام المصري باتجاه مزيد من الشفافية والحرية والعدالة الاجتماعية. وأغلب الظن أن معظم المصريين سوف يندهشون أن تكون بلادهم مثل بلدان أخري علي رأسها الولاياتالمتحدة ذاتها بها أيضا أبقار مقدسة وتابوهات مصالح عميقة أو ما سبق أن حذر منه الرئيس الأمريكي ايزنهاور تحالف المركب العسكري الصناعي المالي علي الديمقراطية الأمريكية, وأضاف الباحثون إليه مؤخرا الاعلام بوصفه جزءا من شبكة المصالح المترابطة هذه. .. أغلب الظن أن الكثيرين سوف يقولون وهل مصر بها مصالح هائلة, وشركات عملاقة مثل الولاياتالمتحدة, وربما هذا صحيح, ولكن ليس علي إطلاقه. فالدولة العميقة هي باختصار في الحالة المصرية دولة الفساد والتي نعرف الآن انها تورطت في عمليات غسل أموال هائلة, وتجارة ممنوعة سواء للسلاح أو المخدرات, أو ذات علاقات مشبوهة مع المافيا العالمية, فضلا عن العمولات والرشاوي في عمليات بيع الغاز المصري سواء لاسرائيل أو غيرها من الدول. وهذه كلها مجرد قمة جبل الثلج, إلا أن ماهو تحت السطح أكبر وأخطر, وإذا مددنا النظر باتجاه ليبيا نعرف لماذا جري اسكات القذافي إلي الأبد, والمعني أن هؤلاء الذين جري ازاحتهم لم يكونوا وحدهم, بل الشبكة ممتدة سواء في محطيهم القريب, أو دوائر الحكم والمال والنفوذ العالمية. وهذه الدولة العميقة في مصر من حين لآخر تبعث بنذر بسيطة لتقول انها موجودة, ويكفي حوادث الفتنة الطائفية وأخطرها الاعتداء علي كنيسة القديسين. فضلا عن الأرقام المفزعة للبلطجية في مصر, والذين هم إحدي أهم أدوات دولة الأمن والحكومة الخفية اللتين تقاومان بضراوة من أجل البقاء. يبقي أن هذه الدولة العميقة لم ولن ترحل بسهولة لأنها تملك شبكة عنكبوتية هائلة من أصحاب المصالح في الداخل, وشبكة دعم في الخارج. والأخطر أن الجائزة خطيرة انها مصر قلب العالم العربي, والقائد الطبيعي للمنطقة ومصدر الالهام, وأيضا مصدر التهديد لكل الأجندات المشبوهة. إذن المسألة ليست بحاجة إلي الكثير من الخيال لمعرفة أن قوي الظلام هذه ترغب وبقوة في إعادة مصر إلي سابق عهدها, بدون مبارك لأنه لم يكن سوي عنوان فقط وأن تعود المصالح الحيوية للقوي الخارجية لتمضي في طريقها, ويستمر أشباه العادلي ورجاله يمارسون فرض القمع, وتلويث الشرفاء, ومثل الأمل والثوار وشباب مصر البريء حتي لا يشرق الفجر ويبدد الظلام!. وأغلب الظن أن المعركة طويلة وشرسة, وليس غريبا أن يكون أبرز ما فيها هو التصويب في العيون, حتي لاتري مصر بعيون الشباب الحقيقة وتظل تترنح في ظلمة الدولة العميقة! المزيد من أعمدة محمد صابرين