حذرت الأوساط السياسية العالمية أمس من تعقد الأوضاع وتصاعد الأزمة السياسية في مصر, خاصة بعد رفض المتظاهرين في ميدان التحرير للوعود والتعهدات التي طرحها المشير محمد حسين طنطاوي مساء أمس الأول في حين جاءت ردود الأفعال الرسمية العالمية رافضة لاستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين أيا كانت توجهاتهم.ففي واشنطن, صعدت الولاياتالمتحدة أمس من ضغوطها علي القيادة العسكرية المصرية لضمان انتقال سلمي للسلطة في البلاد, حيث نددت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية بالاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين, مشيرة إلي أن مهمة الحكومة المصرية الرئيسية هي السيطرة علي قوات الأمن وتحجيمها. وأوضحت نولاند في بيان رسمي: ندين الاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة وندعو الحكومة المصرية بقوة إلي التحلي بأقصي درجات ضبط النفس ولتحقيق انضباط قواتها ولحماية الحقوق الدولية لجميع المصريين في التعبير عن أنفسهم سلميا. وطالبت السلطات المصرية بكبح جماح قوات الأمن والسماح بالتظاهر السلمي. وحمل البيان تغيرا ملحوظا في اللهجة خلال24 ساعة, حيث اكتفت الخارجية الأمريكية قبل يومين بالتعبير عن قلقها من تطورات الأوضاع في مصر بدون توجيه أي انتقادات للسلطة العسكرية في البلاد. وفي روما, أعرب وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي عن القلق الشديد حيال الاوضاع بمصر. وأوضح- في بيان صادر عن الخارجية بثته وكالة أنباء آكي الإيطالية- إن إيطاليا تحترم العملية السياسية في مصر, ولكن في الوقت نفسه كانت تنتظر أن يتم هذا مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والديمقراطية والتطلعات المشروعة للشعب المصري. واضاف أن ايطاليا توجه نداء قويا الي جميع الأطراف من أجل وقف جميع أعمال العنف, في ضوء العملية الانتخابية, وان تفسح مجالا للهدوء وضبط النفس. وفي برلين, أعرب الرئيس الألماني كريستيان فولف عن قلقه العميق إزاء احداث العنف التي يشهدها الشارع المصري حاليا وطالب المصريين بألا يسمحوا بأن يتحول الربيع العربي بما حمله من امل إلي خريف الإحباط وطالب في الوقت نفسه المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مصر بقبول حكم الشعب, وقال ان هناك اشياء لابد من توافرها حتي يتمكن الشعب من ان يحكم نفسه وهي الشفافية والانتخابات الحرة النزيهة والحفاظ علي حقوق وكرامة المواطنين. وفي الوقت نفسه اشاد الرئيس الالماني بما حققه التونسيون من نجاح حتي الآن في عملية التحول الديمقراطي. وجاءت كلمات الرئيس الالماني في إطار الاحتفال بتسليم جائزة مؤسسة رولاند برجر الألمانية لكرامة الإنسان والتي منحت لثلاثة ناشطين عرب هم المصري جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والصحفي السوري مازن درويش والمحامية التونسية راضية نصراوي. يأتي ذلك في الوقت الذي أعرب فيه الزعيم السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف- الذي لعب دورا بارزا في إسقاط الاتحاد السوفيتي السابق- عن تأييدها الكامل للمتظاهرين المصريين, مؤكدا أن هذه المظاهرات تقوم علي أسس قوية وهامة للغاية. وفي نظرة تحليلية للوضع في الميدان, أكدت صحيفة إنترناشونال هيرالد تريبيون الأمريكية أن خطاب المشير أمس الأول يأتي لثمرة الصفقة التي أبرمها المجلس العسكري مع الجماعات الإسلامية وعلي رأسها الإخوان المسلمون مستبعدة كافة القوي السياسة اليبرالية. وأشارت إلي أن الليبراليين قاطعوا الاجتماع الذي عقده المجلس مع القوي السياسية قبل إلقاء المشير لخطابه. ومن ناحيتها, حذرت صحيفة الجارديان البريطانية من أن الثورة المصرية دخلت في حالة جديدة من عدم اليقين بعد تباين الآراء بشأن عملية تسريع انتقال السلطة من المجلس العسكري إلي الحكم المدني. واستدركت الصحيفة قائلة إن ردود الفعل علي خطاب المشير طنطاوي لم تكن جميعها سلبية, وان جماعة الاخوان المسلمين التي من المتوقع أن تحقق نجاحا كبيرا في الانتخابات البرلمانية المقبلة والتي تنتظر بفارغ الصبر إجراء الانتخابات في موعدها, أبدت مؤشرات الرضا عن الجدول الزمني المعدل الذي أعلنه المشير لنقل السلطة. وأشارت الصحيفة الي إنه في الوقت الذي تسارعت فيه وتيرة الأحداث, بدت الحكومات الغربية كالقابضة علي الجمر ومترددة, هل تذهب إلي ماهو أبعد من مجرد الدعوة إلي وقف العنف والمطالبة بتأجيل الانتخابات الوشيكة, أو مطالبة المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتسليم السلطة. أما المحلل السياسي مارك لينش فقد أكد في تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن مصر تحتاج الآن بعد استقالة حكومة الدكتور عصام شرف إلي حكومة مدنية تتمتع بسلطة حقيقية لأن الحشود في التحرير تريد أن تري تغييرا جوهريا, فيما اعتبرت لوس أنجلوس تايمز أن استقالة حكومة شرف لن تكون كافية لارضاء الجموع المصرية الغاضبة في ظل القمع الوحشي من جانب الشرطة, والذي عاد بالبلاد الي عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك, بينما وجهت وكالة أسوشييتد برس انتقادا شديد اللهجة للمجلس العسكري قائلة إنه بالنسبة للربيع العربي في مصر, فإن الديكتاتورية العسكرية حلت بدلا من حلم الحرية والديمقراطية. ومن جدة كتب نصرزعلوك: أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن بالغ انشغالها حيال التطورات الخطيرة التي تشهدها مصر والتي تتسبب في سقوط ضحايا ومصابين واعرب الامين العام اكمل الدين احسان اوغلو في تصريحه امس عن عميق حزنه وتعازيه لشعب مصر ومواساته لأسر الضحايا متمنيا الشفاء العاجل للمصابين.