ترتبط مصر بعلاقات تاريخية وثيقة بمعظم دول القارة الآسيوية. وهي علاقات قامت وتوطدت علي أساس تقارب وأحيان وحدة المواقف في القضايا السياسية الكبري في العلاقات الدولية منذ خمسينيات القرن الماضي. ثم شهد عقد الثمانينيات قضايا جديدة جعلت العلاقات بين الجانبين تدخل مجالات مختلفة, تمثلت في التعاون بكافة أنواعه وأبعاده. وتعد آسيا اليوم الشريك التجاري الثالث لمصر بعد أوروبا وأمريكا. تأتي زيارة الرئيس مرسي لكل من باكستان والهند وقبلها الي الصين لتعد أهم نقاط التحول المهمة التي تحسب حاليا للسياسة الخارجية, بعد فترة انقطاع طويلة منذ آخر زيارة للرئيس السابق مبارك لباكستان عام1983, وللهند عام2008, وإن حظت مصر وكل من باكستان والهند بزيارات متبادلة متكررة لرؤساء الوزراء وعدد من الوزراء المختصين. وقد أسفرت الزيارتان عن توقيع عدد من مذكرات التفاهم لتأكيد التعاون المشترك بين مصر وكل من باكستان والهند في مجالات عدة. أبرزها مجالات الاستثمار, وتكنولوجيا المعلومات, وتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة وتنشيط السياحة فضلا عن التعاون الثقافي وغيرها, لكن هذه النواحي يجب في المقام الأول أن تنتهج مصر سياسة خارجية تتبني منهجا برامجيا مخططا للعمل يتسم بالهدفية والمرونة, حيث يجب أن تتخلص مصر من إحدي المشكلات السياسية الأساسية التي شابت تعاملها مع الدائرة الآسيوية والتي تمثلت في اختصار آسيا في دول لايتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة. وتتمثل في اليابان, والصين, وكوريا الجنوبية والهند, اذ يجب أن تدخل مصر مع دول القارة في علاقات متعددة تقوم علي أساس برنامجي واضح يعد منطلقه الاساسي التعاون في كافة المجالات ياخذ شكل شراكة فاعلة متطورة علي المستويين الثنائي والجماعي. من المهم في هذا الاطار الاشارة الي عدد من النقاط الأساسية التي يجب النظر إليها. أهمها في المجال الاقتصادي, أن تسعي مصر لقراءة كافة تجارب التنمية الناجحة لعديد من دول شرق القارة للوقوف علي أسباب النجاح للاستفادة منها مع محاولة الاستفادة العملية من عدد من الخبرات العملية في هذه الدول مثل ماهو موجود في اليابان وكوريا الجنوبية والصين وماليزيا. أما فيما يتعلق بدولة مثل الهند علي نحو خاص باعتبارها أحد الدولتين اللتين يتوجه إليهما السيد الرئيس فإنه من المهم أن تسفيد مصر من برنامج التعاون الفني والاقتصادي الهندي, خاصة وأنها استطاعت زيادة انتاجية الأراضي الزراعية. ونجحت في وضع نظام للري يحقق أقصي استفادة من مواردها المائية. كما يمكن الاستفادة من خبراتها في مجالي الطاقة والطاقة المتجددة وكذلك صناعة معدات الطاقة, هذا مع ضرورة الوقوف علي التقدم التقني في الهند وخاصة في مجالي تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات. كذلك يمكن الاستفادة منها في مجال دعم المسار الديمقراطي. من الضروري توفير قاعدة بيانات متكاملة ومحدثة دائما خاصة حول امكانات التعاون الاقتصادي في المجال الاستثماري وذلك علي ضوء حقيقة أساسية. وهي أن مصر تعد من بين أكثر الأسواق التي تحظي باقبال كبير لدي المستثمر الآسيوي بصفة عامة نظرا لأسباب عدة من بينها ماتقدمه من فرص عدة في مجالات الاستثمار وتوفير الايدي العاملة وهي الناحية التي يجب أن تعمل مصر علي تعظيمها علي ضوء المنافسة الشرسة بين الدول لجذب المستثمرين الأمر الذي يستلزم إعداد البنية التحتية وتعديل بعض القوانين الخاصة بالاستثمار. ومما تجدر الاشارة السريعة اليه في هذا الصدد وجود علاقات اقتصادية لايمكن التقليل من شأنها بين مصر وكل من باكستان والهند. أضف إلي ذلك, محاولة التغلب علي مشكلات العلاقات,خاصة في حال ظهورها إن لم يكن قبيل ذلك, لأن ترك المشكلات تتفاقم ليس في مصلحة الجميع. وتعد اسرائيل في هذا الصدد من الدول التي حققت نجاحا مهما في التعامل مع عديد من دول القارة. وفي المجال السياسي, من الواجب تفعيل آلية المشاورات السياسية مع الدول الآسيوية, خاصة أن معظم هذه الدول تؤيد كثيرا من القضايا العربية ومنها القضية الفلسطينية. وتعد الحقائق الأساسية في هذا الصدد أن مصر تعد من أولي دول الشرق الأوسط التي شهدت فتح سفارة لباكستان بعد استقلالها وتم تعيين أول سفير باكستاني في مصر عام.1948 وقد ساندت كل من باكستان والهند ثورة يوليو1952 ومثلت العلاقات المصرية الهندية قوة دفع هائلة في حركة عدم الانحياز ومجموعة ال.15 وقد وقفت الدولتان مع مصر في حرب1973, وزار الرئيس السادات باكستان عام1974 وقام بدور في المصالحة بينها وبين الهند في النزاع حول كشمير, حيث تلتزم مصر بموقف ثابت من هذه المشكلة يتمثل في ضرورة حلها بالحوار السلمي بين الدولتين, كما أن مصر من الدول التي دعمت قبول عضوية الهند في منظمة المؤتمر الاسلامي. وعامة فإن علاقات مصر السياسية بالدولتين تعد من العلاقات المستقرة وتوجد مذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين مصر ووزارتي خارجية البلدين. وفي المجال الحضاري- الثقافي, علينا تدعيم ودفع الحوار الحضاري بين الطرفين ومحاولة مده لآفاق جديدة حيث يعد العامل الثقافي محددا أساسيا للسياسة الخارجية. الأمر الذي شكل عامل قوة للدولة, وتعد من النقاط الايجابية في هذا الصدد الدور الايجابي الذي يقوم به منتدي التعاون العربي الصيني في دفع هذا الحوار ويمكن في هذا الصدد الرجوع الي الباب العاشر للبرنامج التنفيذي للتعاون بينهما الخاص بالفترة من2012 الي2014 حيث طرح البرنامج عديد من الأفكار الأساسية في مجال الحوار الحضاري والتعاون الثقافي يعد من أبرزها الحديث عن طريق الحرير الثقافي. لمزيد من مقالات د. ماجدة علي صالح