من المقرر ان يزور الرئيس الامريكي باراك اوباما اسرائيل والأراضي الفلسطينية غدا الأربعاء, والواقع انه بعد فشل مبادرة اوباما التي اطلقها في الاسابيع الاولي لولايته السابقة لتنشيط مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين, ولوقف بناء المستوطنات. تصاعدت الاتهامات في الولاياتالمتحدة واسرائيل لأوباما انه لم يقم بزيارة لإسرائيل, كما فعل مع تركيا ومصر, لكي يخاطب الشعب الاسرائيلي مباشرة ويشرح له مبادرته. وقد امضي اوباما سنوات ولايته الاولي لكي يثبت تأييده لإسرائيل ودعمها سياسيا وعسكريا ربما بأكثر مما فعل رئيس امريكي اخر. وبعد اربع سنوات تتجدد رئاسة اوباما للولايات المتحدة, وتتجدد معها أسئلة الخبراء والمحللين عما اذا كان جدول اعمال اوباما في ولايته الثانية سوف يتضمن تجديد محاولته ومفهومه لحل الدولتين ويتوافق مع هذا الاعلان عن اعتزام الرئيس الامريكي زيارة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية في رام الله, وردا علي هذه التساؤلات اعلن المتحدث باسم البيت الابيض انه ليس في نية اوباما اطلاق مبادرة جديدة خلال زيارته لإسرائيل, وان كان السفير الامريكي في اسرائيل شايبرو اعلن ان ذلك قد يحدث في وقت لا حق. كما عبر جون كيري سوف نبدأ بالإصغاء لمعرفة الوضع الحالي وما هو متاح, ومن ثم نعمل علي ايجاد ودراسة بعض الخيارات وقد سارع بنيامين نتنياهو الذي يعمل, بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة وضعف نسبة فوزه فيها, علي تكوين حكومة قومية قوية يواجه بها اوباما, ويستبق زيارة اوباما بتحديد جدول اعمال هذه الزيارة واولوياتها ويحددها في اربع قضايا: ايران وبرنامجها النووي, الازمة في سوريا, الانتفاضات العربية ثم الوضع الفلسطيني الاسرائيلي. وواضح ان تركيز نتنياهو, كما فعل دائما, علي اولوية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني, ويذكر اوباما بوعده خلال ولايته الاولي انه ينتظر نتائج العقوبات الاقتصادية والتي, رغم ايلامها للاقتصاد الإيراني, الا انها لم تحدث تغييرا جوهريا في الموقف الإيراني. ويتداخل الوضع الإيراني, في المنظور الاسرائيلي, مع الأزمة السورية, وما يمكن ان يواجه اسرائيل بعد رحيل الاسد من تفكك سوريا ووقوع ترسانتها من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية في أيدي قوي متطرفة, فضلا عن ترسانة الاسلحة التي بناها نظام الاسد وبشكل خاص منظومة الصواريخ والطائرات التي حصلت عليها من روسيا. ونتصور ان اوباما سوف يظل متمسكا بنهجه في انتظار نتائج العقوبات الاقتصادية والمفاوضات السياسية مع النظام الإيراني, خاصة بعد ما اظهرته محادثات كازخستان الاخيرة عن بصيص من الامل للتوصل الي تسوية وسوف يدعم هذا النهج لديه, اختياره جون كيري وزيرا للخارجية, وتشاك هاجل وزيرا للدفاع, المعروفين بعدم تفضيلهما للحلول العسكرية والامنية, الا بعد استنفاد كل الطرق الدبلوماسية والضغوط الاقتصادية, خاصة بعد تجارب امريكا في العراق وافغانستان. وسوف تتيح زيارة اوباما لإسرائيل ان يخاطب الشعب الاسرائيلي مباشرة ان التسوية مع الفلسطينيين, سوف تخدم مصالح وامن اسرائيل علي المدي الطويل. وكما لاحظ بعض المراقبين ان اوباما يزور اسرائيل ويده اقوي مما كانت في ولايته الاولي, فهو ليس فقط الرئيس الذي اعيد انتخابه لمرة ثانية, رغم تأييد نتنياهو لمنافسه الجمهوري رومني, ولكن يوجد وراءه ايضا انذار صاغه وزراء خارجية كل من بريطانيا والمانيا وفرنسا والذي يهدد بفرض عقوبات علي اسرائيل في حال استمرارها في سياستها الحالية في المناطق المحتلة وامتناعها عن دفع عملية السلام مع الفلسطينيين, اما زيارته لرام الله, فإن الشعب الفلسطيني سوف يستدعي تأييد اوباما لإسرائيل في الاممالمتحدة واستخدامه الفيتو حول قضية المستوطنات, ومنح فلسطين عضوية مراقب في الاممالمتحدة, فضلا عن دعمه العسكري لإسرائيل. ورغم ان اوباما لن يحمل مبادرته للتسوية فانه بزيارته, فضلا عن زيارة جون كيري للمنطقة, يريد ان يؤكد انه سيظل مرتبطا بالشرق الاوسط وقضاياه وان توجهه الي منطقة آسيا باسيفيك لن تكون علي حساب ذلك. ولا شك ان في خلفيه زيارته لإسرائيل يقع كذلك عدد من التطورات في تصور علاقة امريكا بإسرائيل, ففي مواجهة ما قاله احد اعضاء مجلس الشيوخ من ان اسرائيل هي الحليف الوحيد للولايات المتحدة, ردت جريدة الواشنطون بوست واسعة التأثيرفي مقال تحليلي بان هناك عددا اخر من الحلفاء والشركاء الاستراتيجيين غير اسرائيل مثل تركيا, عضو حلف الأطلنطي, ودول عربية ليست في حلف الناتو ولكنها تعتبر دولا حليفة لواشنطون وتتعاون معها عن قرب في القضايا المختلفة وتعتبرها شريكا استراتيجيا وتمثل هذه الدول في الاردن, ومصر والكويت والبحرين والمغرب. واذا كانت زيارة اوباما لإسرائيل والأراضي الفلسطينية هي زيارة استكشافية, فما هي الاحتمالات التي يمكن ان تتطور اليها. ثمة ثلاثة توقعات: الأول استمرار اسلوب عمل ولايته الاولي وهو تعيين مبعوث خاص للسلام, والثاني الدعوة الي مؤتمر دولي للسلام, علي غراء مؤتمر انابوليس, الذي لم يحقق أي نتائج, اما الثالث والاقرب الي الفاعلية, فهو ان ينخرط شخصيا في عملية السلام علي غرار ما فعله كارتر وكلينتون.