مايدور من جرائم يجعلنا غير متفائلين فحروب القرن الحادي والعشرين تعقدت طرقها فلم تعد تلك الطرق القديمة والمستهلكة بإستعراض القوي العسكرية المكلفة فتطورت لحرب الجيل الرابع التي تهدف لنزع إرادة الشعب فيعيش ضعيفا منزوع الإرادة ، وتعتمد أسلحتها على تفكيك وإفشال المجتمع من الداخل وإستثمار الإعلام في إنتشار ودفع معاول الهدم وإشاعة الفوضي وأعمال البلطجة والجريمة لتحقيق مآربها . حرب الجيل الرابع تبدأ أوزارها من داخل المجتمع المراد إفشاله فتصدر له الازمات من قبل الدول المعادية له ومن خلال عيونها من أبناء المجتمع المنتشرين والمتداخلين بين الناس تبذل طاقاتها لتعرف وتحلل ما يدور في كل شارع وزقاق قبل إفشال المجتمع وإكراهه على قبول ما تريده وإجبار المجتمع على السير في الطريق الذي ترسمه له فيسير فيه بدون وعي أو تفكير أو إختيار . كثير منا لا يعرف حرب الجيل الرابع فهي حرب تدور رحاها لتفكيك المجتمع المنهك وتستعين بأطفال الشوارع ، وتختلف حرب الجيل الرابع كلية ومضمونا وتدريبا عن الحروب العسكرية التي تعتمد على إستعراض القوة والألة العسكرية للسيطرة على الأراضي وإحتلالها بالقوة الحربية ، وقد بدأت الدول الكبري تفعيل حرب الجيل الرابع منذ عقدين فلا تقوم على تدمير الآله العسكرية للدولة المستهدفة ولكن تعتمد على أن تتأكل تلك الدولة من الداخل وإنهاكها ببطء تمهيدا لإخضاعها لأهدافها وتحقيق سياستها داخل هذا المجتمع ولا يأتي من يقدر أو يتفوه بمعاداة القوي الكبري مستغلين الإستحواذ والنفوذ القوي لهم وتنفيذ إرادته والتحكم في المجتمع مكرها بدون معارضه وهنا تكمن نقاط الضغط التي من خلالها السيطرة على المجتمع المفكك وتوجيهه حسبما شاءت وتسمي بنقاط التأثير فلا تسمح للمجتمع المفكك والمهلهل أن يتراجع عن تنفيذ إملاءات تلك الدول علي أرض الواقع ، وهذا التاثير لن يتأتي إلا بزعزعة إستقرار المجتمع ولنجاح عملية زعزعة الإستقرار تستخدم قوات غير نظاميه من داخل المجتمع المراد تفكيكه ، ولأن حرب الجيل الرابع تعتمد على إنقياد العقول والأذهان لها جاءت السيطرة بإستخدام القدرات العقلية والذكية لزعزعة إستقرار المجتمع كسلاح رئيسي بإعتبارها قدرات أعتي من قدرات نيران الأسلحة حيث تعتمد في هذه المهمة على مواطنيه ، لتتبلور دولة فاشلة بالإكراه وفصل أجزاء أو مجموعات إجرامية خارج سيطرة وسيادة النظام والقانون التي لن تأتي إلا بخلق مجموعات خارجة ومعادية لدولة القانون فتحارب بعنف حتى تسير عكس إتجاه الأمن وزعزعة الأمن وإستمرار الإنفلات الأمني بكل صوره وتخرج من تحت سيطرة وعباءة الدولة ، ولإحكام السيطرة على المجتمع تدعم المجموعات الإجرامية ثقة في شرورها وعداوتها للإستقرار لكي تصل بمجتمع تتحكم فيه بسهولة وتكون لتلك الدول اليد العليا فتوجه المجتمع أينما تريد وتتدخل في شئونه وإدارته والسيطرة عليه كيفما شاءت متيقنة بأن الدولة لن تتلاشي ولكن ستبقي فاشلة وهذا هو المطلوب لتتولي إدارتها ويجب أن تسير عملية التحويل للفشل ببطء شديد وتفكيك المجتمع فيستيقظ على موته ويعمل الطابور الخامس بكل جد وجهد للقضاء على كل أمل لعودة المجتمع للحياة مرة أخري ويعم الهرج والمرج وتنتشر الفوضي الخلاقة . والمراقب للوضع في مصر يجد الكثير من هذه الدلالات الخطيرة قد تسللت داخل المجتمع من إنفلات امني وسرقة وخطف وقتل وتخريب وتدمير ممتلكات وحالة تذمر وخلل في القرارات وعدم التصدي الرادع لكل أشكال الجريمة التي تؤثر بشكل مباشر في الإقتصاد القومي من إنحسار في معدلات وإيرادات السياحة وتشرزم القوي السياسية والحرب الشنعاء التي يشنها الإعلام الذي يعتمد على مبدأ الهدم والهجوم المستمر لا البناء فيصدر عقيدة السخرية والتهكم وشعور الإحباط العام لدي الشارع وحالة سخط عامة لدي المواطنين بسبب أزمات تلو أزمات وشعور المواطنين بضعف مؤسسات الدولة وتصدير الشعور بالفشل والقيادة المترنحة لتصدير المشهد العام للداخل والخارج فيبني وجهة نظره على التضليل والتزييف بدون النظر لجوانب مضيئة ومستنيرة والإيجابية للعمل بجد والنهوض والإرتقاء بالصناعة والزراعة والسياحة والتجارة ودعم الأمن ومساندته في مواجهة البلطجة بكل صوره وإظهار كل قيادة تتولي امرا أو زماما أنها فاشلة ولا تستحق الجلوس على كرسي المسئولية ويجب أن يتولي من هو أجدر منها ونبذ كل نقطة أمل وبادرة تقدم والسير في إتجاه تفخيم وتضخيم كل حقير وضئيل لزيادة التوتر وعدم الإستقرار بين المواطنين وتشويه كل شئ بدلا من توجيهه وتصويبه للإتجاه الصحيح وهكذا دواليك فندور في فلك الإغراق والفشل وفي هذه الحالة ومع إستمرار الفتك بجهاز الشرطة كسلطة تنفيذية للقانون ومكافحة الجريمة وإستمرار الإنفلات الأمني وصولا لموت المجتمع وهو ما يتطلب فرض القانون بالقوة والحزم للقضاء على كل صور الإنحراف والجريمة ، وقد دفعت حرب الجيل الرابع دولا كثيرة لدراستها وتدريب كوادر على مواجهتها بذكاء وحرفية عالية وسد كل الطرق أمامها فهل فهمنا الدرس ياسادة ؟