ما شهدته قرية تابعة لمدينة ديروط, لا ينطبق عليه سوي مذبحة عائلية فهذه القرية التي طالما تميزت بالهدوء, والتي لم تشتهر بتاريخ الإجرامي, مثل قري كثيرة في أسيوط, بل لا نبالغ إذا قلنا أن تلك القرية لا يكاد يسمع أحد عنها شيئا, نظرا لأن طابع سكانها الهدوء, لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة. فقد أفاقت القرية علي مذبحة عائلة عكرت صفوها وحولتها إلي سرادق عزاء كبير, بعدما راح9 أفراد في رعيان شبابهم ضحية الغدر علي يد أبناء عمومتهم, الذين لم يراعوا حرمة الدم ولا النسب, بل امتدت يد الغدر لتطول محمود الطالب الذي لا ذنب له سوي أنه كان يسرع الخطي في طريق عودته لمنزله بالقرية. تعود جذور الصراع إلي عدة أشهر مضت عندما وافت المنية أحد أثرياء عائلة الجنودة ويدعي ادرديري عبد الوهابب مخلفا ثروة تقدر بالملايين في الوقت الذي لم يترك فيه وريثا له سوي زوجته, مما جعل الطمع ينهش في قلب الزوجة, ولم تكن هي الوحيدة التي تسلل الطمع إلي قلبها بل كل أفراد العائلة, وبعد مرور فترة علي وفاة الزوج, شاءت الأقدار أن تلحق به الزوجة, ليحتدم الصراع والخلاف علي الميراث, وهنا يكشر أحد أفراد العائلة ويدعي أحمد عبد الحميد عن أنيابه معلنا استحواذه علي الميراث, ضاربا بكل القيم والشرائع عرض الحائط, معلنا أنه لا صوت يعلو علي صوت البنادق الآلية ليتحرك هو وأولاده وإخوته ليستولوا علي أحد المنازل الثلاثة التي تركها ادرديريب ويقدر بملايين الجنيهات. وقام عبد الحميد بتغيير مدخل المنزل الذي استولي عليه, وجعله من داخل منزله الذي يمتلكه, خصوصا بعد تردد شائعات أن المنزل يحوي تحته مقبرة أثرية, ولم يكتف عبد الحميد بالأمر بل بسط نفوذه علي معظم الأراضي التي تركها درديري وزوجته والتي تقدر بعشرات الأفدنة مما استثار حفيظة باقي أفراد العائلة فقاموا بالشروع في استخراج إعلان وراثة يضمن لهم حقهم, لاسيما بعدما تبين امتلاك زوجة درديري لحلي ومصوغات يزيد وزنها علي3 كيلو جرامات, ناهيك عن عشرات الأفدنة في أجود الأراضي الزراعية. وفي خضم هذه الأحداث يتدخل بعض أفراد العائلة ويدعي عبد المنعم رضوان محاولا إقناع الجميع للجلوس علي مائدة المفاوضات والتراضي فيما بينهم وتم تحديد الموعد عقب صلاة العصر بفيلا درديري, وفي الوقت المحدد توجه أفراد العائلة, وما أن وطأت أقدامهم الشارع الذي يقع به المنزل, وإلا وفوجئوا بوابل من الرصاص يطلقه أحمد عبد الحميد فحاولوا عبثا النجاة ولكن رصاصات الغدر كانت لهم بالمرصاد, ويسقط8 أفراد من العائلة ضحايا الغدر والطمع, ويقوم أهالي المجني عليهم بحرق منزل درديري المتنازع عليه, لتعيش القرية بعد المذبحة العائلية ليلة حزينة اتشحت فيها بالسواد ما بين أصوات نحيب وصراخ وتتحول بعدها إلي ثكنة عسكرية بعد محاصرة الأمن لها خوفا من اندلاع أي معارك أخري خصوصا بعد قيام أقارب المجني عليهم بمحاصرة منازل المتهمين ومحاولة إحراقها. وقد كشفت تحريات أجهزة الأمن أن المتهم الرئيسي أحمد عبد الحميد كان يقوم بتخزين البنزين داخل المنزل المحترق بسبب أزمة البنزين التي كانت تعانيها المحافظة, وهو ما ساعد علي اشتعال النيران واحتراق المنزل بالكامل. وقد زاد من أحزان القرية علمها بوفاة محمود مبروك ا15 سنة ا طالب بالثانوية الزراعية, والذي راح ضحية المجزرة وزاد من آلام ومأساة الحادث أنه العائل الوحيد لأسرته بعد اصابة والده بمرض في القلب نقل علي إثره للمستشفي لإجراء عملية قلب مفتوح. وقد تصادف مرور محمود في الشارع الذي شهد المذبحة,وهو عائد إلي منزله مسرعا, ليسقط ضمن ضحايا المذبحة البشعة التي أودت بحياة8 غيره من أفراد العائلة.