البابا تواضروس يدشن كنيستي "الملكة" و"أم الخلاص" بدير السيدة العذراء بجبل درنكة    محافظ القليوبية يضع إكليل الزهور على النصب التذكاري ببنها    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    البورصة المصرية تربح 23.4 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    رئيس الوزراء يستعرض جهود تجهيز الشركات الحكومية للطرح في البورصة    أسعار الفاكهة اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025 في أسواق الأقصر    مباحثات مصرية - سعودية لتعزيز التعاون في مجالات أسواق المال    القاهرة الإخبارية: أطنان من المساعدات الغذائية تشق طريقها من مصر إلى غزة    إعلام إسرائيلي عن نتنياهو: لن تسيطر السلطة الفلسطينية على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب    وزير الخارجية الأمريكي: لا يمكن إقامة هيكل لحكم غزة لا يضم حماس في 3 أيام    3 أيام راحة في الأهلي بعد الفوز على كهرباء الإسماعيلية    رضا شحاتة: تعرضنا لظلم تحكيمي أمام الأهلي    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    وزير التعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان مدرسة الشهيد محمد صبحي إبراهيم الرسمية للغات بالمنتزه    انطلاق 17 ورشة فنية في مهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    في ذكرى نصر أكتوبر.. افتتاح الدورة الأولى لمعرض الزمالك للكتاب غدا    بدء أعمال لجنة الكشف الطبي للمتقدمين لعضوية مجلس النواب بسوهاج    موعد مباراة برشلونة أمام إشبيلية في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    تشواميني: ألعب في أفضل فريق بالعالم منذ 4 سنوات وأتمنى الاستمرار    إزالة 50 حالة تعدي واسترداد 760 فدان أملاك دولة بأسيوط    قصف جوي عنيف على غزة رغم دعوة ترامب لوقف الهجمات    محافظ المنوفية يلتقى المتضررين جراء ارتفاع منسوب مياه النيل لحل مشاكلهم    بعد تسليم نفسه.. رحلة فضل شاكر المتأرجحة بين العنف والغناء    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    بيومي فؤاد ينضم لأبطال مسلسل من أول وجديد بطولة عمرو سعد    قبل تسليم نفسه.. أغاني فضل شاكر تحقق أعلى الأرقام عبر منصات الاستماع    أمين المجلس الأعلى للجامعات يشارك في احتفالية اليوم العالمي لسلامة المريض    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    "الجمهور زهق".. أحمد شوبير يشن هجوم ناري على الزمالك    طفل يقود سيارة برعونة في الجيزة.. والأمن يضبط الواقعة ووالده المقاول    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    هل قصّ الأظافر ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي    واعظة بالأوقاف توضح كيفية التعامل مع «مشكلة الخيانة الزوجية»    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    ماجد الكدواني يحتفل بعرض «فيها إيه يعني» في السعودية    نجوم المشروع الوطني للقراءة يضيئون معرض دمنهور الثامن للكتاب    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    الصحة الفلسطينية: 3 جرحى برصاص الاحتلال أحدهم في حالة خطرة    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام بيرنتفورد.. غياب مرموش    تشكيل يوفنتوس المتوقع أمام ميلان في الدوري الإيطالي    نائب وزير الصحة يشيد بخدمات «جراحات اليوم الواحد» وموقع مستشفى دمياط التخصصي    بالتعاون مع «الصحة».. مطار القاهرة الدولي يطلق خدمة لتعزيز الجاهزية الطبية    إصابة 9 فتيات في حادث تصادم بطريق بني سويف – الفيوم    سامح سليم في مهرجان الإسكندرية: جيل اليوم مستعجل.. وفكرة التصوير السينمائي مهددة بالضياع    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    أسعار مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    اتهام إسرائيل باحتجاز جريتا ثونبرج بزنزانة موبوءة بالحشرات وإجبارها على حمل أعلام    تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    صحة الأقصر... بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    أيقونات نصر أكتوبر    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة ناصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 03 - 2013

تابعت صور عبدالناصر يرفعها المحتجون هاتفين باسمه رغم أنهم لم يروا عبدالناصر ولم يعاصروه, ومن ثم لا توجد شبهة أنهم يقدمون علي ذلك خوفا من عقاب أو سعيا لثواب
فقد مضي صاحب الصورة إلي رحاب ربه وبقيت ذكراه وظلت صورته ترتفع تزاحم صور شهداء ثورة يناير.
تأملت المشهد وواجهت مشاعري السلبية القديمة حيال عبدالناصر الذي قضيت في زنازينه أحلي سنوات العمر, وتذكرت مشاركتي في احتفالية دار الكتب والوثائق بالقاهرة بمناسبة مرور50 عاما علي ثورة يوليو حيث ذكرت أن عبد الناصر لم يكن مجرد ضابط صدمه ما جري في حرب فلسطين, فقرر حينذاك أن يكون تنظيما يصحح به ما رآه مختلا. ولم تبدأ علاقة عبد الناصر بالسياسة عندما شكل تنظيم الضباط الأحرار. لقد بدأ اهتمام عبد الناصر بالشأن العام منذ كان طالبا, حيث يشير المؤرخون إلي اشتراكه في مظاهرات الطلبة آنذاك. ويشيرون أيضا إلي حقيقة أنه لم يكن بعيدا عن التيارات السياسية الحزبية القائمة آنذاك, بل إنه اقترب من أنشطة أهم تيارين سياسيين راديكاليين قبل يوليو52, جماعة الإخوان المسلمين, ومنظمة حدتو الشيوعية, إلي حد أن حسبه كل من التيارين عضوا عاملا ملتزما من أعضائه. وكانت نقطة الحسم في فكر وممارسة عبد الناصر تتمثل في قراره باستقلالية تنظيم الضباط الأحرار عن أي تيار سياسي خارج الجيش.
وعدت لتأمل المشهد من جديد لأجد بين أولئك المحتجين وجوها أعرفها. وجوه أبناء وأحفاد لأصدقاء عشت معهم في غياهب سجون عبد الناصر. لقد عرفتهم أطفالا يتابعون أمهاتهم وهن يهرولن من مكان لآخر لتسقط أنباء المعتقلين. بل رأيت بين أولئك المحتجين وجوها لمن عانوا من سجون عبدالناصر من أبناء أجيال تلت جيلي. وتذكرت رفاقا لي كانوا يعلنون وهم تحت سياط الجلادين أن عبدالناصر قائد وطني دون أن يدفعهم ذلك الإعلان إلي استنكار مبادئهم مقابل الإفراج عنهم. وللتاريخ لم أكن من هؤلاء فلم يكن في مقدوري أبدا أن أغفر جرائم تعذيب يصل إلي حد القتل. ربما كانت رؤيتي قاصرة, ولكن ذلك كله أصبح في ذمة التاريخ.
وعدت أرهف السمع للأغاني التي تبثها مكبرات الصوت فتثير حماس المحتجين. إنها أغاني الحقبة الناصرية. وينبعث من ذاكرتي لصوت أجش لواحد من الجلادين يصرخ آمرا المعتقلين بغناء واحدة من تلك الأغنيات الوطنية ثم ينهال بضرب وحشي علي من تجرأ فأعلن أننا كنا نتغني بتلك الأغنيات عندما كنا أحرارا وأن عبد الناصر لا يشرفه أن نهتف نحن أو غيرنا بأسمه مجبرين والسياط تنهال علينا.
تري ماذا بقي من عبدالناصر يلهب حماس تلك الجماهير ويجعلها ترفع صورته وتهتف باسمه وتردد أغاني عصره. لقد مضي عبدالناصر ولم يعد ثمة إغراء بمنصب ولا تخويف بعصا, بل إن بعضا ممن هتفوا باسمه ورفعوا رايته بعد ثورة يناير أصابهم من عنت السلطة الكثير.
تري كيف حدث ذلك. لقد أرجع الكثيرون جماهيرية عبدالناصر الكاسحة إلي قسوة قبضته وهيمنة إعلامه. وقد فندت ذلك في الاحتفالية التي أشرت إليها مؤكدا أنه لكافة تلك التفسيرات جانب من الحقيقة, ولكنها تظل قاصرة عن تفسير ما جري تفسيرا شاملا. لقد كانت عصا النظام غليظة بالفعل, وصحيح أن الجماهير وقد افتقدت تنظيماتها, قد تنكمش خوفا من غلظة العصا مفضلة أن تحتفظ بأفكارها داخلها في سبيل الحفاظ علي حياتها. غير أن المتأمل لجماهيرية ناصر الكاسحة التي صاحبته حتي يوم تشييع جنازته, يصعب عليه التسليم ببساطة بهذا التفسير. الجماهير الخائفة قد تؤثر السلامة فتصمت, أو حتي تجاري السلطان الجائر تحاشيا لنقمته, ولكن الأمر لا يصل بتلك الجماهير إلي ذلك الحد الذي وصلته في الالتفاف حول ناصر حتي في تشييع جنازته, والتي ظلت ترفع صورته حتي اليوم. إن الاقتراب من هتافات المحتجين يكشف بيسر أنهم يرون فيه رمزا للعدل الاجتماعي ولطهارة اليد وللاستقلال الوطني وللانحياز للفقراء بحيث تخفت ملامح الدكتاتور المتسلط.
ويبقي السؤال قائما: تري هل كان ممكنا بناء السد العالي و تأميم قناة السويس والسعي نحو العدل الاجتماعي دون قهر أو تعذيب؟ وهل استمرار توهج صورة عبدالناصر يعني أننا ما زلنا علي استعداد لتقديم حريتنا قربانا للعدل الاجتماعي؟ وهل تلك المقايضة حتمية أي أننا لا نستطيع أن نحقق العدل الاجتماعي والحرية معا؟ هل ما زال الحلم بشعارات ثورة25 يناير ممكنا؟
ظلت تلك التساؤلات وما زالت تبحث عن إجابة; ولعل أبلغ الإجابات قال بها شاعر مبدع قضي بعض أيامه في زنازين سجون عبدالناصر ولعله أحس بتلك المفارقة وعبر عنها في أبيات عبقرية قالها في عصر حسني مبارك. لقد كتب الأبنودي:
مش ناصري ولا كنت في يوم
بالذات وفي زمنه وفي حينه
لكن العفن وفساد القوم
نساني حتي زنازينه
في سجون جمال عبد الناصر
مازلت أنتظر يوما لا نضطر فيه بحكم العفن وفساد القوم أن ننسي الزنازين. يوما يختفي فيه العفن والفساد. تري هل هذا الحلم ممكن أم أنه أضغاث أحلام ؟
وحتي يتحقق الحلم أجد نفسي أردد مع المحتجين يعيش جمال عبد الناصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.