تتصاعد فاتورة التكاليف السياسية لاستمرار حالة الانقسام الفلسطينى الذى تتعامل معه الفصائل على انه سياسة امر واقع و كلما اقتربت من التوافق خطوة تراحعت الى الوراء خطوات للدرجة التى دعت بعض المراقبين الىدعوة القائمين على الحوار الى البحث عن حلول لا تكون رهن قبول او رفض او موائمات من الفصائل حيث لا تزال الارادة السياسية للاطراف ابعد من الالتقاء الذى تجتهد القاهره فى التوصل اليه و تتحمل فى سبيله تكاليف ماديه و سياسيه باهظه فضلا عن التكاليف الامنيه الاكثر ارهاقا اذ لا تذال الانفاق صداعا فى راس مصر كرافد للتوتر الامنى الحدودى زادت مخاطره فى مرحله ما بعد الثورة و اصبحت كل كارثة امنية فى سيناء ينظر بعدها الى الانفاق بعين الريبة و الشك على انها الطريق الذى هبت منه الكوارث و مؤخرا لم تتوقع القاهره حدة تصريحات من جانب كوادر الحركة التي توزعت في توجيه الاتهامات الي القاهره بأنها عادت الي ممارسة سياساتها القديمة بالمشاركه في حصار غزة بل ان البعض منهم وجه انتقادات للجيش المصري وظهرت وثيقة منسوبة لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة بتوجيه ضربات لقواته بعد ان عمد الي فتح المياه علي الانفاق لردمها اثر احتكاك مالكيها مع ضباط بالجيش في ضوء قرار اتخذ بشأن غلقها تنفيذا لاتفاق القاهره- واشنطن- تل ابيب- غزه الموقع لإنهاء العدوان الإسرائيلي الأخير علي القطاع, وبالتوازي اصدر القضاء الاداري حكما بتدمير تلك الانفاق دعما للسيادة وفرض الأمن, وفي المقابل استمر جناح في حركة يصعد ضد الجيش وجناح آخر يلطف وخاصة ان الانفاق التي تردم هي تابعة للحركة وفقا لتأكيد مصدر فلسطيني. مصر لها كامل الحق في اتخاذ ما تراه من قرارات تمكنها من إحكام سيادتها علي أراضيها وحقها في اتخاذ الإجراءات المناسبة التي تكفل لها تحقيق امن وسلامة حدودها, ومن منطلق هذا الحق القانوني الثابت فان مصر تقوم بغلق الانفاق والسيطرة علي المناطق الحدودية, يقول اللواء سامح سيف اليزل, الخبير الأمني, مشيرا الي ان هذه الإبقاء علي الانفاق هو إبقاء علي احد مصادر التوتر الأمني الرئيسية في مصر, فعلي سبيل المثال لا الحصر الأجهزة الأمنية تأكد لها خلال الآونة الأخيرة دخول نحو500 عنصر فلسطيني إلي لداخل مصر بشكل غير شرعي وغالبيتهم ينتمون لحركة حماس, وتعمل الأجهزة علي القبض عليهم, حيث تردد العديد منهم علي فنادق الدرجة الثالثة, وعثر علي جوازات سفر تكشف التحريات أنها لعناصر متورطة في الاشتراك في عمليات وقعت في عدة دول في المنطقة, وقد حددت الجهات السيادية أسماء بعينها أكدت دخول هذه العناصر لإخفائها بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية وعبر الانفاق, وبالتالي عندما تتخذ القوات المسلحة قرارات من شأنها حماية حدود الدوله فهذا حق مشروع للقوات المسلحة بناء علي مهام وتكليفات مسئولة عنها وتقوم بتنفيذ هذه القرارات طبقا للمصلحة العليا للبلاد. وعلي الرغم من إشارة تقارير أمنية ومصادر عديده الي استفحال ظاهرة اختراق عناصر جهادية وتكفيريه مهاجرة لسيناء من افغانستان والعراق وعناصر اوروبية ارتبط البعض منها بأبناء القبائل والبعض الآخر لجأ في جغرافيا وعرة الي الكهوف والجبال, حيث نشطت تلك الخلايا في مواجهة قوات الأمن من الجيش والشرطة, كانت الانفاق هي المصدر الرئيسي لوصول تلك العناصر الي شبه الجزيره, وفي مناخ فوضوي تسلحت بإمكانات فائقة تصل الي قدرات وحدات الجيوش النظامية, ومن مصادر متعددة, بل انه عندما قام الجيش بحملة علي جبل الحلال قضت تماما علي البؤر والخلايا التي كانت تتخذها موطنا لعملياتها عثر وراءها علي عدد كبير من الأسلحة معظمها إسرائيلية المصدر. هناك تقديرات لخبراء عسكريين انه لا يشترط ان تتورط عناصر حمساوية في العمليات التي وقعت في سيناء أو تتحمل الحركة تبعة تداعياتها بمفردها لكن من المؤكد أنها تتحمل تبعة ما تصدره الأنفاق لمصر, لأن الإبقاء عليها هو الخطر. وفي حوار هاتفي شكك القيادي في حماس الدكتور محمود الزهار أولا في الوثيقه المنسوبة الي كتائب القسام, التي تحرض علي الجيش, متهما من قال بأنها عناصر في رام الله تسعي الي إفساد العلاقة بين الحركة ومصر وتوريط الحركة في اتجاه الصدام معها, وقال ان الجيش المصري ننظر اليه علي انه خير أجناد الأرض, وانه فخر هذه الأمة ومحقق كل انتصاراتها, ولا يمكن ان ينال منه احد, وان ما صدر من تصريحات عن البعض في الحركه ناجم عن حالة الضيق التي يمر بها ساكنو القطاع جراء استمرار الحصار ومن ثم لا يمكن التعليق علي عملية غلق الانفاق التي تمثل الرئة الوحيدة للتنفس إلا بالرفض. ويتابع الزهار ان قضية الانفاق هي قصية أفراد وليست قضية حكومة الحركة في القطاع, مشيرا الي ان الانفاق في الجهة الشرقية القريبة علي الحدود مع اسرائيل لا تشرف عليها حماس, بينما تراقب أجهزة حماس الامنية دخول وخروج السلع والبضائع من الجانب المصري, رافضا ان تكون تلك الانفاق ممرا لما يضر بأمن مصر, مطالبا بفتح المعابر, وتساءل.. ما الذي يمنع مصر الآن من فتح معابرها أمام الحركة الفلسطينية وخاصة وان مصر ليست طرفا في اتفاقيه المعابر الموقعة عام2005 ؟, وقد علمنا أن مصر ستفتح حدوها مع السودان ومع ليبيا.. فما المانع ان تفتح مع القطاع؟, كما انه يمكن ان يكون هناك تبادل تجاري سنوي بمقدار3 مليارات دولار علي الأقل, بينما يري الفريق حسام خير الله الخبير الأمني أن هناك تقديرات حول تجارة الانفاق تدر علي الأقل7 مليارات دولار في العام, في حين ان حكومة حماس لديها وزارة كاملة لإدارة الانفاق وتحصيل الضرائب علي ما يخرج منها, واكد الزهار هذه الجزئية, مشيرا الي في الجزء الخاضع لإشراف الحكومة من الانفاق هو محل تفتيش دقيق ومراقبة دقيقة.. وفي مصر ينظر الي القطاع علي انه جزء من الأراضي المحتلة, بينما يسمية قيادات حماس بالأرض المحررة, وعليه فإن مصر نظرتها الاستراتيجية هي ان ما جري بعد احداث الانقسام الفلسطيني وغياب السلطة المعترف بها عن القطاع هو ما يمنع من إبرام اتفاقيات مع فصائل لانه يكرس لاستمرار الانفصال, وليس مبررا في الوقت نفسه للاعتداء علي السيادة المصرية من خلال استخدام الانفاق بشكل مضر لمصر يسمح بدخول وخروج السلاح والعناصر الإرهابية. هل تستوعب حماس فكرة السيادية؟ وإذا كانت تستوعبها.. فلماذا تصر علي ان الانفاق حق مشروع؟ يقول اللواء سيف اليزل ان الممارسات تدل علي أنهم لا يستوعبون هذه الأفكار. بينما تحسب عناصر من الحركة ان وصول رئيس ذي خلفية اسلامية للحكم كان سيسمح بفتح الأبواب المغلقة علي مصراعيها للحركة, ويقول الدكتور محمد مجاهد الزيات رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط ان تلك الممارسات فاقت درجة التصور, وان المشكلات الناجمة عن تداعياتها وصلت الي درجة حادة ولم يعد أمام القاهرة سوي ان تحكم سيطرتها علي حدودها وعلي سيناء, أو ان ترفع يدها فتكون ساحة للفوضي, وبالتالي القوات مسلحة تمارس عملها من منطلق انه لا يمكن ان تترك الساحه للعبث, والأنفاق كمنفذ لدخول العناصر علاوة علي أن مصر تعهدت لدي الولاياتالمتحدة بضبط السلاح مما يقتضي ردم الانفاق كما تعاني مصر من تهريب كميات كبيره من الوقود عبرها وهو ما يزيد من الحاجة الي إغلاقها, وهناك رسائل إسرائيلية للجانب الأمريكي مفادها الشكوي من تقاعس مصر عن تنفيذ تعهداتها في الاتفاق المبرم لوقف الحرب, وجون كيري وزير الخارجيه الأمريكية يحمل في جعبته خلال زيارته الحالية للقاهرة رسائل بهذا المضمون, وأضاف الزيات والتصور ان عملية القبض علي عناصر من حماس أطلق سراحها ضمن صفقة شاليط هو من قبيل الضغط علي الأطراف في هذا الاتجاه, كما انه لا توجد حدود مستباحه بهذا الشكل لأي دولة. ولا يتخيل ان الأيدلوجية تقفز علي الأمن القومي المصري, وإذا كانت حماس تلوح بأن ملف التسويه يمكن ان يحال إلي أطراف أخري فهي لا تدرك بذلك جوانب المشهد الحقيقي بأن ثقل مصر ودورها هو الذي يسمح بإدارتها لهذه الملفات وهي جربت من قبل في ملف شاليط حينما أرادت ان تبعث به للألمان. السيادة تعلو علي السياسه ولا وجه للمقارنة, فالأولي تعني السيطرة والهيمنة علي مقاليد الأمور ومنها حدود البلاد واعمال المصالح العليا, أما السياسة ففيها المنطقة الرمادية التي تحتمل الصواب اليوم والخطأ عن نفس الاحتمال غدا يقول اللواء سيف اليزل مضيفا ومن ثم فأنا انصح حماس بأن تدرك هذا وتتخلي عن القفز علي سيادة الدول واحترام الأعراف والتقاليد والقرارات السيادية, وليكن الحوار والتفاوض إلي هو الطريق السليم للوصول الي الأهداف المرجوة, وهذا لأن المصلحة العليا لمصر تعلو علي كل هدف سياسي أو حتي تيار سياسي. الزهار من جانبه يري ان فكرة نقصان السيادة علي سيناء هي بسبب الاتفاقيات المبرمة بين مصر واسرائيل التي يدخل مواطنوها الي سيناء بهوية عادية بينما يتطلب لدخول الفلسطيني تأشيرة قد يحصل عليها وغالبا لا يحصل عليها, كما ان سيناء ساحة للتلاعب من جانب إسرائيليين في تهريب عناصر إفريقية الي هناك وغير ذلك من الانتهاكات كالمخدرات, منتقدا تشبث المصريين بفكرة السيادة حينما يثار عملية ادخال الغذاء والدواء عبر الانفاق الي القطاع وقال ان حل تلك الإشكالية يمكن ان يتم عبر فتح معبر رفح علي ان يكون هناك موظفون من كل الفئات كالجمارك والضرائب وغيرهما للإشراف علي دخول السلع والتعامل معها بشكل طبيعي من فوق الأرض. ورد الزيات علي تلك الرؤية وقال: قضية الانفاق ليست في الغذاء كما تدعي حماس وإنما المواد المحظورة والوقود وتهريب السلاح بكميات كبيرة من مضادات الصواريخ وغيرها بما يزيد القلق لدينا بأن مصر قد تصبح ساحة للجريمة المنظمه والمخدرات والسلاح كثالوث غالبا ما يتواصل في هذه الحالات, وأشار الزيات الي أن تقرير الطب الشرعي في حادث رفح أشار بأصبع الاتهام الي الفلسطنين فمنفذي العملية كانوا يرتدون أحذية صناعه فلسطينية, ومن المعروف ان حماس لديها أنفاق تديرها وان هناك أنفاقا مخصصة للسلاح, واخري للافراد وبشكل عام توجد الانفاق طبقه من رجال المال لا يمكنهم الاستغناء عنها, لكنه اتفق مع فكرة ان يعامل معبر رفح معاملة أي منفذ بري في مصر شأنه شأن غيره من المنافذ. في المقابل رد الزهار بالقول: ما دخل من المعابر من شاحنات فقط كان يحمل السن والزفت لرصف الطرق وفقا للمشروع القطري, أما الادعاء بان منفذي العملية من الجانب الفلسطيني لأنهم كانوا يرتدون أحذية مكتوبا عليها صنع في فلسطين فهو أمر غير منطقي, فلا يمكن ان ارسل من ينفذون عملية واترك الدليل علي من قاموا بها ثم انه لا يوجد في غزة أي شيء يصنع يكتب عليه صنع في فلسطين, وأضاف الزهار هل يمكن ان نعمل كحركة حماس ضد الرئيس محمد مرسي ومفهوم مدي العلاقة بيننا وبين جماعه الإخوان المسلمين وخلفياتها الإسلامية المشتركة؟! العكس هو الصحيح لأننا من المؤكد ان نعمل علي دعمه وليس توريطه, ولقد اتصلت بي المخابرات الحربية حينها وحددت اسمين لشخصين قالت انهما في سيناء ونحن تأكدنا انهما كانا في بينهما في القطاع فكيف قاما بعمليه في سيناء وهم في القطاع في الوقت نفسه. لم تتقبل المصادر المختلفة من الخبراء والعسكريين والامنيين في مصر هذه الردود, واعتبروها من قبيل ذر الرماد في العيون بهدف تحويل الأنظار عن عما يجري وحصاد سنوات الانقسام والانفلات التي لم يعد الإبقاء عليها ممكنا وان أوراق السياسية لابد ان تتحول الي بحث في البدائل بدلا من أن القفز علي السيادة.