عاصرت أمجاد الترام وسطوته ونفوذه ودوره التاريخي في مظاهرات الطلبة في الأربعينيات حين كانت تشد السنجة, الممتدة منه إلي الحبل الكهربائي, ليتوقف عن السير علامة الاحتجاج أو لتغيير اتجاهه وفقا للمسيرة الطلابية قبل7.23..1952كان اسمه الدارج تروماي وعند المتأنقين ترام وايوعند أهل الإسكندرية ترام فحسب. دائما كان عامرا مزغردا بالركاب; به درجة أولي بريموبقرش صاغ ونصف(15 مليما) ومقاعدها منجدة بالجلد وزبائنها من كبار الموظفين من وكلاء الوزارة إلي المديرين العموميين إلي المستشارين وكبار المحامين وعلماء الأزهر وأمثالهم, ودرجة ثانية( سكوندو) بثمانية مليمات, أو تدفع قرشا وتأخذ كبريتا بالنكلة الباقية, وهي غير منجدة وزبائنها خليط من الموظفين الكبار لكن بخلاء و من صغار الموظفين والعامة والطلبة, وكان هناك جزء يغلق من جهتين ببابين ومخصص للسيدات عليه لافتة حريم! كان الترام يسير منطلقا علي قضبانه لا تجرؤ سيارة أو أتوبيس علي اغتصاب مساحة طريقه وإلا دق لها السائق بعصبية آلة التنبيه, التي تقع تحت قدمه اليمني والتي لها صوت كقرع الأجراس. مزدحم غاص دائما بالراكبين من مختلف الأشكال والألوان والطبقات, يقفز الباعة علي سلمه من الجانبين الأيمن والأيسر لبيع الحلوي والمشابك والحاجات الضرورية والبسيطة للبيت, هناك جو مرح وأسري يجمع راكبي الترام, ويمكن أن أقول إن تركيبة الترام ككل كانت تتمتع بما يمكن أن يقال عنه سنس أوف هيومر أي إحساس عال بالنكتة. كل البيوت التي سكنا فيها منذ ولادتي17 أغسطس1937 كانت كما يقول التعبير علي شريط الترام, أي في شارع رئيسي يمر به الترام سواء بالإسكندرية أو بالقاهرة, فألفت ضجيجه حتي أنني لم أكن ألحظه لكن ما أن كنت أستضيف إحدي صديقاتي للمبيت حتي أراها ساهدة لم تذق النوم إلي الصباح وهي مندهشة كيف يأتيني النوم وصوت الترام يملأ أرجاء شقتي.