مازالت مشكلة منتجي القطن تتصاعد نتيجة الصمت الرسمي لحل مشاكل الزارعين في تسويق محصولهم, حيث يوجد أكثر من3.5 مليون قنطار تتكدس في بيوت الفلاحين ومخازن التعاونيات انتظارا لقرار يضع حلا لهذه المأساة, حيث تمتنع البنوك التجارية عن تمويل الشراء مما ترتب عليه احجام الشركات من الشراء!! وفي ظل هذا السكوت الذي يسبق العاصفة خاصة ونحن في مرحلة نحتاج إلي الهدوء والاتجاه للانتاج, وبعد أن وضحنا وجهة النظر المعبرة عن المنتجين والجمعيات المتخصصة, فإن هناك وجهة نظر أخري ايجابية تستحق الدراسة لما تحمله من رؤية قد تمثل حلا علي المدي البعيد. وهذه الرؤية يطرحها الجانب الآخر في القضية وهم مسئولو الصناعات القطنية, وحجتهم أن الظروف قد تفجرت محليا واقليميا وعالميا ويرون أن الحل لا تجدي معه المسكنات فالأضرار قد تصل إلي220 مليون جنيه أو اصدار قرارات بحظر استيراد الغزول!! الدكتور بهاء الدين رأفت رئيس مجلس إدارة جمعية تطوير المنسوجات يقول: إن حل المشكلة لابد أن يكون جذريا وليس موسميا وهو يرفض جميع الاقتراحات التقليدية, معتبرا أنها لا تتناسب مع التطورات العالمية, حيث كانت تصلح في فترة كانت الدولة داعمة في ظل اقتصاد موجه وهي الآن غير مواتية في مناخ الاقتصاد الحر, ويقول إن هذه الوصفات والمسكنات كانت تصلح في زمن كان انتاج القطن13 مليون قنطار وكان القطن وقتها يمثل عماد الاقتصاد المصري وكان العالم في احتياج شديد للقطن المصري طويل التيلة, ولكن للأسف كما يقول مسئول الصناعة فقد تغيرت الظروف, حيث اصبح استخدام الاقطان قصيرة التيلة هو الأساس في انتاج ملابس الكاجوال والجينز والتي شيرت وجميعها تحتاج لغزول سميكة قد لا تتوافر في القطن طويل التيلة لأنه غير اقتصادي. وأوضح أتعشم أن يتمكن الزراعيون من استيعاب هذا التغير العالمي وخاصة إذا نظرنا إلي تغير عدد المغازل التي تنتج الخيوط القطنية, حيث تحولت من الدول المتقدمة التي كانت تستخدم القطن المصري لغزل100% قطن إلي الدول المنتجة للغزول قصيرة التيلة والتي تستخدم القطن المصري لخلطه مع الأقطان القصيرة لتحسين جودة الغزول, كما أن أي زيادة في عدد المغازل يتحول إلي مغازل الطرف المفتوح وهي تحتاج فقط إلي أقطان قصيرة التيلة. وقد طالبنا منذ عام2001 من رئيس الوزراء في حينه بزراعة القطن قصير التيلة في مصر نتيجة للتجربة التي تمت بواسطة وزارة الزراعة ويتلخص نتائجها في جني المحصول بعد فترة120 يوما بدلا من210 أيام بالنسبة للقطن طويل التيلة. وتم ري المحصول قصير التيلة5 مرات مقابل9 مرات للقطن طويل التيلة, كما تم انتاج17 قنطار/ الفدان قصير التيلة مقابل7 قناطير الفدان طويل التيلة حسب بيانات وزارة الزراعة وهو في الحقيقة3.5 قنطار للفدان. ويمكن تغيير الدورة الزراعية وزراعة القمح لسد نقص الاستيراد. وبالأرقام يدلل رئيس جمعية تطوير المنسوجات علي صحة ما يقوله بأنه تم تصدير110 آلاف طن لعدد36 دولة أي أن متوسط الدولة3055 طنا وهي كمية ضئيلة للغاية, حيث يستخدمها مصنع واحد في مصر لأن المتابع يجد أن القطن المصري حاليا لا يستخدم إلا للخلط, حيث يخلط مع الأقطان قصيرة التيلة لتحسين جودة الغزول المنتجة في الدول الآسيوية, أو للخلط مع الألياف الصناعية لانتاج الياف صناعية مخلوطة, وهو يستخدم حاليا في مجالي انتاج الفوطة لأن القطن المصري سريع الامتصاص ولكن من الصعب وجود مستهلك يرفع القيمة المطلوبة للفوطة من القطن المصري أو في الملايات لتفوق الأقمشة المنتجة منه للنعومة ولكن ارتفاع السعر لا يشجع المستهلك علي الشراء لأننا جميعا نعلم أن أول شيء ينظر اليه المستهلك حاليا سواء في الأسواق المحلية أو العالمية هو انخفاض السعر. ويحذر أحد مسئولي انتاج الملابس القطنية من خطورة التحدث بأمجاد الماضي مثل أحفاد الفراعنة وأصحاب حضارة7 آلاف سنة وبناة الأهرام, ويسأل ماذا فعلنا نحن؟ ويسأل آخر إذا كان تخفيض زراعة القطن أو زراعة قصير التيلة هو الأفضل لمصر فلماذا لا نفعل ذلك؟ ويحذر مسئول بجمعية رجال الصناعة من خطورة تطبيق الاقتراحات الحالية لحل المشكلة وتأثيرها سلبيا علي الاقتصاد القومي, موضحا أن زيادة اسعار الغزول ستؤدي إلي توقف الصادرات وخسران مصر أكثر من10 مليارات جنيه صادرات الملابس الجاهزة, حيث يتم التصدير لأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي, حيث ستكون هناك منافسة غير متكافئة من الصين والهند وباكستان وبنجلاديش لأن جميع هذه الدول تستخدم الغزول المنتجة من أقطان قصيرة التيلة وهي رخيصة الثمن. ويسأل أحد قيادات صناعة الملابس الجاهزة: أين دور مراكز البحوث الزراعية في تطوير خطة انتاج القطن في مصر؟ ولماذا لا تتناسب مع ما يطلبه المستهلك سواء في مصر أو الخارج؟ ويجيب: هناك احتمالان اما أن المركز نائم في العسل لا يدري ما هي المتغيرات حوله وهو افتراض بعيد, حيث أن مصر تمتلك خبرة وكوادر بحثية لا نظير لها في العالم ولا يمكن ان تغيب عنهم هذه المتغيرات. ويسألك هل من الضروري ان نزرع ما لا نحتاجه ولا نجد ما نجتاجه. القطن طويل التيلة لا تحتاجه الملابس الجاهزة المصدر لأمريكا وأوروبا لأن السعر هو العامل الأساسي في المنافسة فلماذا لا تفكر الوزارة جديا بزراعة القطن قصير التيلة وسيكون دون مشاكل في التصريف ونكتفي بزراعة كمية بسيطة في الوجه البحري لماذا العناد؟ لمصلحة من؟! وأعتقد أن تجارب الزراعيين في الوجه القبلي بزراعة القطن قصير التيلة كانت ناجحة.