كتب - محمد هزاع: تتطور نظريات السرد باستمرار مما يجعل من الصعب متابعة هذه الاجتهادات المتعددة والمتراكمة. وفي الثقافة العربية تم التعرف علي بعض هذه الأعمال, وأجريت في هذا المضمار دراسات عديدة وتمت ترجمات لبعض الإنجازات السردية الغربية. لكن الملاحظ أن الأعمال السردية العربية تفتقر إلي ما يعطي لمختلف هذه الأعمال قيمتها الخاصة, وليحقق لها مصداقيتها. ذلك لأنها ظلت في أغلب الأحوال عبارة عن اجتهادات ذاتية أو فردية. هذا الوضع الذي يخلو من الإنصات إلي أعمال الآخر وإلي الحوار العلمي الصريح والواضح في وضعنا الثقافي العربي, لايمكن أن يؤدي إلي إنتاج معرفة علمية أو إلي تطوير معرفتنا بالسرد العربي القديم أو الحديث. أثيرت هذه الآراء في الورقة البحثية التي أعدها الناقد والأستاذ الجامعي من المغرب د. سعيد يقطين تحت عنوان السرديات في الأدب والعلوم الإنسانية. وحول المصطلح السردي يشير البحث إلي أن مصطلحات أي اختصاص تكتسب دلالاتها الخاصة في الاختصاص نفسه. إنه يحددها وفق ما يمليه عليه السياق الذي يضعها فيه. وهذا هو مرد اختلافات دلالات المصطلح الواحد باختلاف الاختصاصات والتصورات, بحيث يمكن أن نذهب إلي أن هناك نظريات عديدة ومختلفة لتحليل السرد. ونجد أن الدال السردي( المصطلح) الواحد له مدلولات سردية( اصطلاحية علمية) متعددة بتعدد النظريات والاجتهادات, ولعل أهم الانجازات في هذا النطاق يبرز فيما يمكن اختزاله بكلمة في ظهور علوم سردية خاصة لها مناهجها وقضاياها الخاصة بالسرد الحديث( الرواية القصة...) أو القديم( الحكايات العجيبة الأساطير الأشكال البسيطة). ويضيف البحث أن العلوم السردية التي تبلورت في الحقبة البنوية( منذ أواسط الستينيات وأوئل السبعينيات) شأنها في ذلك شأن أي اختصاص علمي قامت أولا علي أساس تحديد موضعها بدقة.