لماذا ترفض قوي الإسلام السياسي وجماعاته أي حديث عن معايير اختيار أعضاء لجنة المائة, المنوط بها كتابة دستور جديد للبلاد, خاصة أن المادة التي تنظم هذا الأمر في الإعلان الدستوري لا تجعل تشكيل اللجنة وقفا علي أعضاء المجلسين. كما أن كتابة الدستور الجديد لا ينبغي أن تكون تعبيرا عن أغلبية أو أقلية داخل المجلسين, لأن الدستور وثيقة أساسية تهم كل المصريين, لا يمكن كتابتها بمعزل عن مؤسسات المجتمع المدني, بما في ذلك أحزابه ونقاباته واتحاداته العمالية وشرائحه من الرأسمالية الوطنية التي تشارك في جهود التنمية, أو دون مشاركة نخبة من فقهاء القانون الدستوري, لأن الأصل في الدستور, أن يكون تعبيرا عن توافق كل قوي المجتمع حول طبيعة نظام الحكم الذي يرتضيه الجميع ويعبر عن مجمل ارادتهم السياسية, كي يتحقق لهذا النظام قدر معقول من الاستقرار يمكن البلاد من التقدم علي طريق النهضة والتنمية, ومن ثم فإن وضع معايير اختيار أعضاء لجنة كتابة الدستور لا يشكل بالمرة خروجا علي النص الدستوري الذي تم الاستفتاء عليه. لكن قوي وجماعات الإسلام السياسي تصر علي إغلاق كل فرصة لتحقيق توافق وطني حول أي من قضايا المرحلة الانتقالية الرئيسية, وتستخدم في ذلك أساليب التهديد بالعصيان المدني وتعويق الانتخابات, والدعوة الي مليونيات جديدة, عادة ما تبدأ سلمية ثم لا تلبث أن تتحول الي العنف, بدلا من أن تناقش وجهات النظر الأخري بحثا عن فرص لقاء مشترك, يحقق قدرا من التوافق الوطني الذي يضمن عبور ما تبقي من المرحلة الانتقالية علي نحو آمن, خاصة أننا نواجه عددا من القضايا المهمة تحتاج الي حد أدني من التوافق أبرزها هل يمكن أن نذهب لانتخابات الرئاسة قبل كتابة الدستور الجديد الذي سوف ينظم سلطات الرئيس الواسعة, ومن الذي يحمي الشرعية الدستورية ضمانا لرسوخ الدولة المدنية, الشعب الذي صنع الثورة, أم المؤسسة العسكرية التي تعهدت بحماية أهدافها؟! وما يزيد من خطورة المرحلة الانتقالية التي ينبغي اختصارها الي الحد الأدني, نشاط فرقاء عديدين للوقيعة بين المجلس العسكري ومجمل الحركة الوطنية, يسعون الي توسيع دائرة الخلاف حول كل هذه القضايا, ويرفعون شعارات مستفزة, ويتعجلون قيام ثورة ثانية!, بدعوي أن الثورة لم تحقق أهدافها, ويدفعون البلاد الي نوع من الفوضي المدمرة. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد