ربما يكون الحديث عن أزمة مكتبة الإسكندرية من قبيل الوقوف علي نفس الأطلال ليل نهار دون الكف عن النواح, حيث تتشابه هذه الأزمة مع كل المطالب الفئوية وانعدام تكافؤ الفرص. وعدم البت في ملفات الفساد الإداري, ولايزال الناس مختلفين حول المطالب الفئوية, ولكن الحديث هذه المرة ليس عن مدي جواز هذه المطالب من عدمه, ولكن الحديث عن النهج الذي يسلكه المسئول في حل هذه الأزمات, والذي كان من المفروض أن يتسم بالاختلاف في حالة المكتبة لأن هذه المؤسسة مختلفة. كان الإعلام يغني ويطرب المتلقي بمعزوفة أن المكتبة تتمتع بديمقراطية الإدارة, وأن الشباب يمثلون نسبة كبيرة جدا من العاملين فيها, وأشياء من هذا القبيل, حتي فوجئنا بأن طريقة معالجة الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة للأزمة لم تختلف عن طريقة أي مسئول حكومي آخر في مصر, فمنذ قدم شباب العاملين بالمكتبة مطالبهم في شهر فبراير الماضي, وكانت تتلخص في تثبيت العمالة المؤقتة, ورفع المرتبات وتقليل الفجوة بين الحدين الأدني والأقصي في الأجور, والتحقيق مع بعض القيادات المتهمة بالفساد مضي أكثر من ثمانية أشهر كان التوتر سمتها ثم تحول التوتر إلي طاقة صاعدة, و مخاض عنيف مع تجاهل المسئولين, ثم أزمة محكمة ومزعجة وصلت إلي أن قام العاملون بالمكتبة بإغلاق شباك التذاكر ومنعوا الزائرين من الدخول كما منعوا مدير المكتبة نفسه. قال لي أحد المضارين في الأزمة:إن إنهاء مجموعة كبيرة من العقود المؤقتة بعد الوعد بتثبيتها وإقالة مجموعة من العاملين بدون وجه حق هو سبب الأزمة الحقيقية. لقد سارع د.إسماعيل سراج الدين بدعوة مجلس أمناء المكتبة لعقد إجتماع طارئ لبحث الأزمة, وبحث مطالب المعتصمين, فلماذا لم يتخذ مثل هذه الإجراءات السريعة منذ بدت النذر تلوح في أفق المكتبة منذ فبراير الماضي ثم هل يجوز إنهاء عقود وتجديد أخري اتفق علي تجديدها4 سنوات وتم الحنث بالوعد لتنخفض إلي6 أشهر فقط, في حين أن بعض مديري القطاعات يجلسون في أماكنهم وبنفس مرتباتهم المرتفعة التي تتجاوز الثلاثين ألف جنيه شهريا دون المساس بالمفسدين منهم, ولماذا تأخر صدور قانون تحديد الحدين الأدني والأقصي للأجور؟ إن آفة مصر منذ قيام الثورة هي المطالب الفئوية التي تتفجر يوميا,وسوء إدارة الأزمات والبطء الشديد في اتخاذ القرارات حتي تصل الأمور إلي طريق مسدود. إن كثيرا من المسئولين في مصر يتجاهلون وربما يتناسون أن ثورة قد قامت, وبعدها برزت فئة من المجتمع لاتروق لها الحياة إلا إذا نصبت فيها الفخاخ, وكم بقيت نقمة الفلول المنهارة نارا تشحذ ضرامها تحت الرماد. المزيد من أعمدة سهيلة نظمى