وجد أباه يكتب, سأله: ماذا تفعل؟.. رد: أكتب خطابا لعمك, تعجب: لكنك لاتعرف الكتابة, فأجاب ضاحكا: وهل عمك يعرف القراءة؟ النكتة قديمة ومع ذلك فإنها تظل نكتتنا جميعا هذه الأيام! خلاص.. فقد الكلام معناه! لم يعد له لا طعم ولا لون ولا رائحة. في الصحف علي كثرتها نفس الكلام. في البرامج الحوارية نفس الخوار (بالخاء). حتي عندما يتكلم الكبار منا والذين هم قلة قليلة هذه الأيام علي أي حال نسمع منهم الكلام عينه. لاجديد.. زهقنا.. سئمنا. ربما السر يكمن في الخوف, الناتج بدوره عن الاستبداد وتفشي القبضة الأمنية التي لاتبقي ولا تذر, مما اضطر الناس إلي ترديد ما يريد الحكام أن يسمعوه, وليس ما يريد المواطن أن يقوله؟ جائز جدا! أم ان أصل المسألة خواء العقل, بسبب تسلط مجموعة من الجهلاء علي مصائرنا في كل المجالات لعقود طويلة, فلم يهتموا بالتعليم, فتكلست العقول, وتجمدت ملكات التجديد, ومات الإبداع؟ قل لي: هل تابعت مؤخرا أي حوار في أي محطة أو مطبوعة (أو حتي في المقهي!) وخرجت بشيء؟ كن صادقا.. هل خرجت بأي شيء؟ أراهنك! إذن لعل المعضلة تكمن في الجينات.. هل الجينات المصرية لا سمح الله بها حاجة غلط؟ مستحيل.. وإ لا ماكان أجداد لنا هم من صنعوا فجر التاريخ. طيب قد يكون العيب في الثقافة (بمعناها الواسع) حيث الجمود والانحباس الطويل في سجن الماضي الذي نرفض الخروج منه. وما الحل؟ صدق أو لا تصدق.. الحل هو الحرية. وأولي خطوات الحرية أن نلقي بالقديم (كل قديم.. أشخاصا وأفكارا وقوانين) في صندوق القمامة.. الببغاء فقط هو الذي يظل يردد نغمة صوتية واحدة طوال حياته.. فلنتوقف عن أن نكون ببغاوات! وكيف؟ بألا نصدق كل ما يقال لنا, وأن نشك في كلام السجانين أصحاب القفص الذين حبسوا الببغاء لعهود طويلة, وساعتها سيفهم أبوك عمك.. وستفهمهما أنت أيضا! المزيد من أعمدة سمير الشحات