للطلاب والطالبات الحاصلين على الاعدادية.. شروط التقديم لمدارس التمريض في قنا    بدء التقدم لمعاهد التمريض نظام الخمس سنوات    قوائم انتظار مسابقات التعليم.. عبد اللطيف يشيد بمقترح "التنظيم والإدارة" وموعد التطبيق    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء15 يوليو 2025    انطلاق منتدى مصر للتعدين بالقاهرة.. بعد قليل    البورصة تواصل الصعود خلال منتصف تعاملات جلسة اليوم    تداول 11 ألف طن و778 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    محافظ الغربية يبحث مع مدير جهاز المشروعات الجديد التعاون لدعم رواد الأعمال وتوفير فرص العمل    نتنياهو ووزير دفاعه يصدران تعليمات للجيش بضرب القوات السورية في السويداء    قوات الاحتلال الإسرائيلى تعتقل 31 فلسطينيا فى حملة مداهمات بالضفة الغربية    «الرئيس الإيراني»: نافذة الدبلوماسية لا تزال مفتوحة    السفارة الأمريكية تدين قصف حقلين نفطيين في إقليم كردستان العراق    بعد تصريح ترامب لدعم كييف| ما هو نظام باتريوت الصاروخي وكيف يساعد أوكرانيا؟    لامين يامال يتخلى عن لقبه المميز لصالح صفقة ريال مدريد    غموض مصير وسام أبو علي قبل معسكر تونس.. ومخاوف من تصاعد الأزمة في الأهلي    الدبيس: كولر لم يلتزم بوعوده عكس ريبيرو.. ومزقت عقد احتراف للانضمام ل الأهلي    غزل المحلة يضم كاميروني وتنزاني استعدادًا للموسم الجديد    قرار منتظر من فيريرا قبل انطلاق معسكر الزمالك في العاصمة الإدارية    عمر مرموش يدخل التاريخ.. سادس أغلى مهاجم في تاريخ الدوري الإنجليزي    انقضاء الدعوى بالتصالح بين حسام حسن وزوجته دان آدم في قضية جنح العامرية    الأرصاد ردًا على «شائعات المتوسط»: لا ظواهر جوية غير طبيعية.. وارتفاع الأمواج طبيعي    بالأسماء والمجموع.. أوائل شهادات الدبلومات الفنية بجنوب سيناء    حملات موسعة للرقابة على الأسواق بمركزي الزقازيق ومنيا القمح    نسمة محجوب تطرح ألبوم «UNPLUGGED» بأصوات «أكوستك» دافئة    خالد سليم يتحدث عن محنته مع ورم الأحبال الصوتية وخذلان المقربين    ورش مجانية لتعليم الرسم بقصر ثقافة الإسماعيلية    مصطفى قمر يمازح عمرو دياب: "شكراً على الأغنية"    في أول ظهور له بعد 20 عام.. رحلة مع الكاتب الكبير يوسف معاطي على مدار 4 حلقات في "واحد من الناس"    محافظ كفر الشيخ يدشن حملة «100 يوم صحة» للكشف والعلاج بالمجان    محافظ الفيوم يشهد إنطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية "100 يوم صحة"    وزير الإسكان يوجه بدفع أعمال المرافق لتلبية احتياجات سكان المدن الجديدة    "الصحة" و"الزراعة" تعقدان ورشة عمل مبادرة «التقارب» لتعزيز تكامل السياسات الصحية والغذائية والمناخية    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. الكليات المتاحة لطلاب دبلوم تجارة 3 سنوات    «مش كل الناس بتحب البحر».. أبراج تعاني من الضغط النفسي في المصيف    تحولات النص المسرحي المعاصر وتجارب الكتاب الجدد على مائدة المهرجان القومي للمسرح    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    تحصين 25603 ضد مرض الحمى القلاعية والوادي المتصدع في الدقهلية    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    وزارة العمل: فرص عمل فى لبنان بمجالات الزراعة براتب 5000 دولار شهريا    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    الاتحاد الأوروبي: اتفقنا مع إسرائيل على تحسين الوضع في غزة    وزارة الدفاع الأمريكية تمنح شركات ذكاء اصطناعي رائدة عقودا بقيمة 200 مليون دولار    إعلام إسرائيلي: الجيش غارق في وحل غزة وقيادته تخشى مواجهة المستوى السياسي    الإصابات بالسعال الديكي في اليابان تتجاوز 43 ألف حالة خلال 2025    شعبة الأدوية تطالب بزيادة أسعار 1000 صنف دوائي وتوضح الأسباب    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    المنقلبون على أعقابهم!    «واشنطن» تُصعّد لهجة الانتقادات ضد «موسكو».. وتستعد لتزويد «كييف» بأسلحة هجومية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحافة 25 يناير تواجه التحديات
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 10 - 2011

تحاول الصحافة المصرية جاهدةً، في مرحلة ما بعد الثورة، الإسهام الإيجابي في بناء الدولة الحديثة التي تجسد حُلم كل مصري في التمتع بحقوقه المشروعة في الاستمتاع بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لكنها تواجه في سبيل تحقيق ذلك خمسة تحديات رئيسة. التحدي الأول هو التغييب المتعمد للإيجابيات، واستسلام كثير من المعالجات للروح السلبية، مما أدى - مثلا - إلى تضخيم ظواهر سلبية، وُجدت بالفعل بعد الثورة، كالبلطجة وضعف مستوى الشرطة والأداء الاقتصادي، وفي مقابل ذلك كان هناك اهتمام محدود بالتركيز على تقديم الحلول والرؤى، والتبشير بالنماذج الخلاقة والطاقات المبدعة، كجهود شباب الثورة في المحافظات والأقاليم، للنهوض بالمجتمع، ورسم خارطة طريق لآفاق الخروج من الواقع البئيس.
ومن ثم أرى أن المطلوب الآن - كأولوية إعلامية - بث روح "التفاؤل" في النفوس، باعتباره أصل الكون، وسر الحياة، مع عدم الاستسلام للمُفَزِعين الذين يحذرون من أن الاقتصاد سينهار، أو أن المستقبل أسود، أو أن البلد إلى أسوأ.
والأمر هكذا، يجب الاهتمام بالمشاريع الكبرى لبناء الوطن، والمبادرات الشعبية والأهلية لتحسين الخدمات، والارتقاء بمستوى الصحة والتعليم والطرق ومياه الشرب، وكيفية تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، ودعم الإنتاج الحربي، علاوة على تقديم القدوات الاجتماعية الناجحة، وإقامة المشروعات والمؤسسات، والنزول إلى الفقراء، والمواساة الفعلية لمحدودي الدخل.
......................
التحدي الثاني الذي تواجهه صحافة ما بعد الثورة شبيه بالتحدي السابق ، وهو ضرورة العمل وفق نظرية : "الأكثر أهمية أولا"، ضمانا لترشيد الجهد ، بمعنى أن تكون لديها قائمة أولويات (Agenda setting) على مدار الساعة.
ويقتضي ذلك توجيه الاهتمام الكافي لقضايا الفقراء والمهمشين والطبقات الكادحة ، لأنها تحملت العبء : مرة بإهمال النظام البائد لها قبل الثورة ، ومرة أخرى بإهمال حكومة الثورة نفسها لها.
إن رغيفا يتم توفيره لمواطن خير له مائة مرة من جدل لا يغني ولا يسمن من جوع حول أمور نظرية ، أو اختلافات فكرية ، أو أمور ثانوية لا تصب في التحسين من مستوى معيشته.
قبل مئات السنين كتب الأديب عبد الله بن المقفع : "لا تتركن مباشرة جسيم أمرك فيعود شأنك صغيراً ، ولا تلزمن نفسك مباشرة الصغير فيصير الكبير ضائعاً" ، وهي وصفة سحرية ، ومفتاح نجاح ، لكل صحفي أو مؤسسة.
لكن ما حدث هو انشغال صحافة ما بعد الثورة بخلافات الليبراليين والإسلاميين ، ومعارك : الدستور أم الانتخابات أولا ، وأحدث بيانات ائتلافات الثورة.. إلخ ؛ مما صرف البلاد والعباد عن التركيز على القضايا الأهم ، التي تمثل صمام أمان للثورة.
......................
التحدي الثالث أمام صحافة الثورة هو عدم الانحياز لطرف أو فصيل أو تيار معين ، على حساب الحياد ، ونقل الحقيقة ، والالالتزام بالموضوعية ، سواء في الصحف المسماة : خاصة أو قومية .
نعم .. تجاوبت الصحافة الخاصة مع الثورة منذ أول يوم ، إلا أنها انزلقت بعدها إلى ممارسات غير مهنية ولا محايدة ، في حين حاولت الصحف "القومية" إصلاح خطئها بمعاداة الثورة في مهدها ، لكنها سرعان ما وقعت في غواية الارتماء بأحضان السلطة مجددا ، ممثلا خاصة المجلس العسكري.
لقد وقع في هذه الآفة صحفيون كثيرون استجابوا في وقت من الأوقات لرعونة بعض معتصمي "التحرير" ، أو لخشونة بعض قرارات ، ذلك المجلس وأفعاله .
وهكذا رأينا ممارسات شوهت المشهد الصحفي ، وعمقت الانقسام بين القوى السياسية ، وبثت روح الفُرقة في المجتمع ، ووصلت حبل الوداد مجددا بالنفاق ، سواء نفاق السلطة الحاكمة ، أو نفاق القوى الثورية ذاتها .
وخطورة هذا الانحياز الأعمى أنه يهدد بالخطر دولة الحرية والكرامة والحداثة التي يتطلع إليها كل مصري بعد نجاح الثورة.
......................
التحدي الرابع هو أن صحافة ما بعد الثورة تجاهلت - إلا قليلا - تقديم حقائق الأمور، مكتفية بالقشرة الخارجية ، و"الشغل من على السطح" ، دون بذل الجهد الكافي لاستبصار الخفايا والأسرار.
وبقتضى ذلك رأينا معالجات تتعامل مع الوقائع والأحداث دون ولوج في الأعماق ، وبعيدا عن النزول لأرض الميدان ، واكتفاء بالعمل من على المكاتب ، مما ينذر بطمس الحقائق ، وتسطيح الأمور.
وهذا النزوع نحو الاستسهال، والسطحية ، وعدم تقديم التفاصيل ، وما يجري خلف الكواليس ، أو ما يُعرف ب "الصحافة المسطحة" أدى إلى ارتكاب أخطاء مهنية جسيمة ، ليس أقلها التناقض والارتباك في بناء القصص والمعالجات الصحفية ذاتها.
وكمثال لذلك : اهتمام الصحف بالقبض على "خنوقة.. أخطر بلطجى فى القاهرة"، وتوسعها في بسط تاريخه الإجرامي ثم انتحاره ، دون أن تأتي على ذكر أن أجهزة الأمن احتجزت زوجته وأمه بقسم الشرطة ، لكي يقوم بتسليم نفسه !
......................
التحدي الخامس هو أن صحافة الثورة - استسلاما لرغبتها في جذب القارئ لمادتها ، وحسم المنافسة الصحفية لصالحها- أخذت تجنح إلى تلوين المادة الصحفية أو تسييسها أو ابتسارها بشكل مخل ، أو إصباغ الإثارة الزاعقة على عناوينها ، بعيدا عن القواعد الموضوعية ، من أجل إشباع شبق البحث عن سبق أو انفراد ، حتى لو تم ذلك على حساب الحقيقة ، أو الدقة ، أو مواثيق الشرف.
والخلاصة أن صحافة الثورة في أمس الحاجة إلى خارطة طريق ، ووثيقة مبادئ حاكمة ، ومعايير هادية ؛ ترشد سلوكها ، وتضبط أداءها ، وتدفعها للتركيز على الكثير من المهام العاجلة ، وأبرزها بناء إجماع وطني ، وعرض مختلف الآراء في القضية الواحدة ، مع الالتزام بالضمير المهني ، وتقديم الحقيقة المُجردة ، والبُعد عن الانحياز الأعمى .
إن الأداء الصحفي الرشيد عنوان الحق والعدل .. وللوصول إليه يجب التحلي بالكفاءة المهنية ، والنزاهة الأخلاقية ، وإلا ألحقت صحافة ما بعد الثورة أبلغ الضرر بها ، وتسببت في إعادة إنتاج النظام الفاسد السابق ، حتى وإن أطلق البعض عليه اسم "النظام الصحفي الجديد".
[email protected]
المزيد من مقالات عبدالرحمن سعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.