كتب -ممدوح فهمي: ربما يعتقد الكثيرون ان الشكل الحالي للدوري انطلق مرة واحدة دون اي مقدمات في موسم1948.. ودون ان يسبقه ترتيبات وجهود مكثفة تجعله يتخذ الصورة التي يسير عليها حاليا.. ولكن الحقيقة انه بعد انطلاق بطولة الكأس في موسم1922.. بدأ الحديث عن ضرورة اقامة مسابقة محلية أخري تضم اندية من مختلف بقاع مصر. لاسيما في ظل انحسار اهتمام جميع جماهير اللعبة بالاهلي والزمالك دون ان يكون لديها اهتمام باندية اخري تنتمي اليها حتي بحكم المكان. كانت هذه الفكرة وراء جدية مسئولي الاتحاد المصري لكرة القدم في العشرينيات من القرن الماضي لدراسة اقامة بطولة اخري تزيد من عملية الانتماء والتشجيع بين الاندية كلها دون الاقتصار علي المعسكرين الاحمر والابيض.. وجري التوصل في النهاية الي بطولة المناطق الدورية لاسيما انه كان من الصعب ان تنطلق المسابقة علي غرار نظيرتها الانجليزية.. خاصة في ظل عدم قدرة الاندية علي تجمل نفقات انتقالها الي القاهرة او لاي مدن اخري للقاء المنافسين. وعلي ضوء هذه الظروف قرر الاتحاد تنظيم أول مسابقة للدوري علي غرار مسابقة الدوري الإنجليزي العسكري في مصر.. وتقرر أن تبدأ في الموسم الرياضي الجديد..1923/1922.. وتم تقسيم مصر إلي أربع مناطق كروية هي القاهرة.. والإسكندرية.. والوجه البحري.. والقناة.. بحيث تلعب أندية كل منطقة دوري خاصا بها.. ثم يتقابل أبطال المناطق في نهاية المشوار لتحديد بطل الدوري المصري في آخر كل موسم. وكان من الواضح أن أعضاء مجلس إدارة الاتحاد المصري اختاروا الاسم الرسمي لبطولة الدوري وهم ليسوا مقتنعين به.. فالاسم طويل جدا.. وصعب.. وغير مألوف.. بطولة المناطق الدورية.. ولهذا كان أعضاء مجلس إدارة الاتحاد في اجتماعاتهم ومناقشاتهم.. يقولون بطولة الليج.. أي الدوري باللغة الإنجليزية.. اللغة شبه الرسمية في مصر وقتها.. ولغة الاتحاد الأم.. الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم.. الذي اقتبس منه الاتحاد المصري الجديد كل شيء وكل النظم والقوانين واللوائح والترتيبات والمسابقات. وبعد أيام قليلة من هذا الاجتماع.. كان صاحب السمو.. الأمير عمر طوسون.. في زيارة خاصة للنادي الزراعي بالدقي.. وبالمصادفة كان هناك وكيل الاتحاد المصري.. فاستوقف وكيل الاتحاد سمو الأمير.. وطلب منه مساعدة الاتحاد وتقديم درع خاص ببطولة الدوري التي أقرها الاتحاد والتي ستبدأ قريبا في الموسم الرياضي الجديد.. وفي يوم الثلاثاء الحادي والعشرين.. قام الاتحاد المصري لكرة القدم بتشكيل لجنة خاصة بهذا الدوري تضم كلا من جناب المستر سلوتر رئيسا وكان الرجل في ذلك الوقت رئيسا لنادي الترسانة أيضا.. وحضرة إبراهيم أفندي علام سكرتيرا.. وحضرة رياض شوقي أفندي سكرتيرا مساعدا وأمينا للصندوق.. وإسماعيل يسري أفندي.. وعبد الحميد محرم أفندي.. وعلي صادق أفندي.. أعضاء في تلك اللجنة التي كان أول اهدافها حث كل الأندية علي الاشتراك في البطولة الجديدة.. والاستعانة بالصحافة المصرية لحث ودفع هذه الأندية للمشاركة.. كما قررت اللجنة تقسيم الأندية المشتركة في أول دوري مصري إلي فئتين.. فئة أ.. وفئة ب.. وفي وقت لاحق.. اجتمعت لجنة الدوري مرة أخري وقررت تحديد الأندية المصرية التي لها حق المشاركة في أول بطولة للدوري في مصر.. الفئة أ.. وكانت تلك القائمة تضم ستة أندية.. الأهلي والزمالك والسكة الحديد والترسانة والقاهرة والزيتون. وضعت اللجنة أول جدول لأول دوري في مصر.. وتقرر أن تقام أول مباراتين بوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام1922.. المباراة الأولي بين الزيتون والأهلي علي ملعب الأهلي.. والثانية بين القاهرة والزمالك علي ملعب الزمالك.. ثم يلعب القاهرة مع الزيتون علي ملعب القاهرة يوم الثالث من شهر يناير عام1923.. وفي اليوم التالي يلعب السكة الحديد مع الترسانة.. وفي السادس عشر من شهر يناير يلعب الزمالك علي ملعبه مع الترسانة.. وفي اليوم التالي يلعب الأهلي مع السكة الحديد علي ملعب السكة الحديد.. وفي الثاني والعشرين من شهر يناير.. يختتم الدور الأول بمباراة بين الأهلي والزمالك علي ملعب الأهلي. وفي نفس الاجتماع.. قررت لجنة الدوري أيضا أنه لا يجوز لأي لاعب أن يلعب لأكثر من ناد في هذه المسابقة أو في بقية المسابقات الرسمية بما فيها بطولة الكأس السلطانية.. وأن يكون رسم الاشتراك في بطولة الدوري خمسين قرشا للنادي الذي سيلعب في مباريات الفئة أ.. وثلاثين قرشا للنادي الذي سيلعب في الفئة ب. وتصدر الزمالك البطولة منذ انطلاقها. وفي محاولة لاختصار الوقت والجهد تقرر صرف النظر عن إقامة مباريات بين أبطال المناطق الأربعة وتم الاتفاق غير الرسمي علي أن يصبح بطل منطقة القاهرة هو بطل الدوري في مصر.. هكذا مرة واحدة.. وهكذا أصبح الزمالك بطلا للدوري باعتباره النادي الذي فاز ببطولة منطقة القاهرة في أول مواسمها.. ولكن بعد أن كان شريكا للترسانة في أول حادثة شغب في تاريخ الكرة المصرية. استمر دوري المناطق حتي ظهر المعلق الرياضي الشهير الراحل محمود بدر الدين الذي قد استقال من منصب سكرتير عام اتحاد الكرة بالانتخاب ليصبح مديرا للاتحاد بالتعيين ويتقاضي راتبا يجعله بعيدا عن اي صغائر.. وبدأ في التخطيط للكرة المصرية.. وأرسل خطابا شهيرا للجنة الأوليمبية يخطرها فيه بأن الاتحاد الكرة ليس في حاجة للمعونة السنوية التي كان يتلقاها عبر اللجنة الأوليمبية من وزارة الشؤون الاجتماعية.. فقد كان مقتنعا بأن الكرة بكل هذه الشعبية والرواج لابد أن تصبح قادرة علي أن تتجمل نفقاتها دون معونة من احد. بدأت هذه الفكرة تلوح في رأس محمود بدر الدين عام1946 ولكن لكي يحقق ذلك كان لابد من بطولة للدوري العام في مصر أسوة ببلدان أوروبا.. وبدأ محاولاته لإقناع الجميع بقبول فكرة هذه البطولة.. لكن لم يستجب له أحد.. الا انه لم ييأس.. حتي نجح أخيرا في إقناع الفريق محمد حيدر, رئيس اتحاد الكرة ورئيس الزمالك في الوقت نفسه, وياور الملك فاروق وأحد الذين يحظون بالثقة الملكية المطلقة, بأن يقوم بعرض الفكرة علي الملك.. ووافق الملك أخيرا.. فامتلكت مصر أول بطولة للدوري العام انطلقت يوم22 أكتوبر عام8491.. أي بعد قرابة عامين من طرح المعلق الزملكاوي الشهير للامر علي الساحة الرياضية.. وبات اقدم بطولة محلية في افريقيا والشرق لاوسط.