حوار ليلي مصطفي: لاستطلاع يعد أهم عناصر المعركة الحديثة خصوصا في وقتنا الحاضر, لاسيما أن المعلومات هي أساس بناء الخطة التعبوية التي تضعها القيادة, وكلما كانت المعلومات دقيقة وموثوقة زاد احتمال نجاح الخطة ولكن هذه المعلومات لا تأتي بسهولة بل قد تواجه مجموعة الاستطلاع مخاطر كثيرة منهم أبطال خلف خطوط العدو. حوارنا هذا مع أحد قادة مجموعات الاستطلاع في حرب اكتوبر هو اللواء عادل فودة ملازم آنذاك, يستعرض معنا أهم المخاطر والمواقف التي واجهتهم في الحرب, فقال: كنا أول مجموعة استطلاع في مؤخرة العدو بدأت عملها اعتبارا من مساء6 أكتوبر حتي21 مارس74 حيث كانت المجموعة الوحيدة التي ظلت خلف خطوط العدو6 أشهر كاملة. وما هي المهام التي كنتم مكلفين بها؟ رصد تحرك العدو من داخل إسرائيل الي المحور الأوسط في اتجاه الجبهة, بالإضافة الي رصد نشاط مركز الجبهة في منطقة أم مرجم والابلاغ عن تعطيله عن العمل وخروجه عن الخدمة خلال الأيام الأولي للحرب بعد تدمير جزء كبير منه خلال الضربة الجوية. وكان من مهامنا أيضا الابلاغ عن جميع المطارات التي يتم الاقلاع منها من سيناء بالإضافة الي اننا قمنا بالبحث عن مجموعة ثم فقد الاتصال بها فترة4 أشهر وكانت في عداد المفقودين الي أن تم الاتصال بها بعد رحلة شاقة استغرقت3 أيام في سهول وجبال سيناء وابلاغ القيادة العامة وإعادة تحقيق الاتصال بها. ويضيف: قمنا بعمل مجموعة من السكان المحليين لإمداد مجموعتنا بالعديد من المعلومات خارج نطاق عملها وابلاغها للقيادة العامة مما جعل جزءا كبيرا من سيناء كالكتاب المفتوح لدي صانع القرار العسكري. وما هي أهم المواقف التي قابلت المجموعة؟ أثناء عبورنا الساعة السادسة والنصف مساء يوم6 اكتوبر في طائرة هليكوبتر وبعد30 كيلومترا من القناة اعترضت الطائرة طائرتان للعدو طراز فانتوم لاسقاطنا إلا كفاءة الطيار أحمد بديع أبوشهب أنقذتنا برغم أن الطائرة الهليكوبتر تعتبر صيدا ثمينا للطائرات الأقرب. أهم المواقف بمجرد وصولنا الي أرض سيناء المكان المحدد كان العدو قد رصد أن هناك طائرة هليكوبتر نزلت في المنطقة فقررت اخلاء مكان الابرار بأقصي سرعة. وتحركنا في جبال سيناء نتيجة مطاردة العدو واستطاع الفكر العسكري المصري أن يتغلب علي الفكر الاسرائيلي حيث استطاع تغيير الترددات اللاسلكية طوال فترة الحرب. وأشار الي أن أهم ما تم رصده وابلاغ القيادة به وصول الجسر الجوي الأمريكي بعد أيام من الحرب ونزوله أمام أعيننا وكذلك بداية تحرك الكباري التي ساهمت في إحداث الثغرة. موقف آخر وكان لفتة إنسانية من القيادة وذلك بعد فترة كبيرة تزيد علي4 أشهر وعائلات المجموعة لا تعلم عنها شيئا هل هم أحياء أم شهداء, فقام النقيب طارق رجب بتكليف من قيادة الوحدة بالذهاب الي منازل أفراد المجموعة وعمل تسجيلا صوتيا للأسرة الي أبنائها الجنود والضباط للاطمئنان عليهم وكان يوم عيد الأضحي فكانت فرحة كبيرة حينما اخطرتنا القيادة بأنها ستسجل لنا عبر اللاسلكي رسالة الي كل أسرة ولقد هزني والجميع أن أسمع صوت أمي وأنا في أعماق سيناء. ويضيف لقد ترك هذا العمل أثرا كبيرا في رفع معنويات المجموعة وساهم في استمرارها بجدية في عملها الشاق تحت ضغط وظروف الجبال والشتاء ونقص الأغطية والأغذية. ظروف صعبة ما هي الظروف والمواقف الصعبة التي واجهت المجموعة؟ تم اكتشاف المجموعة من قبل العدو بعد شهر واحد من وجودها بواسطة غرباء بالمنطقة وكان القرار إخلاء المنطقة قبل اخطار القيادة حيث تعثر الاتصال وبالفعل تبين أن هؤلاء الغرباء عملاء للعدو كانوا مكلفين بالبحث عن مجموعات خلف الخطوط المنتشرة في سيناء. رحلة العودة رحلة العودة استمرت7 أيام حيث كان العدو قد أعد نفسه لاصطياد المجموعة أثناء عودتها نتيجة التنصت اللاسلكي, بالفعل كانت هناك مجموعة إسرائيلية تشكل كمينا في واد ينتهي بجبل الراحة وبرغم أننا كنا نحفز العدو لتحقيق نصر اعلامي وسياسي كبير بأسرنا حيث كان الوقت في شهر مارس وتم توقيع الفصل بين القوات. واستطاعت المجموعة أن تمر بجانب الكمين حيث اكتشفنا أن جنود جيش الدفاع الاسرائيلي الذي أعد الكمين كانوا في سبات عميق اثناء مرورنا بجانبهم واستطعت أن أحصل علي خريطة من العربة وكان بإمكاننا القضاء عليهم إلا أن رغبتنا في العودة حالت دون ذلك.