صفقة الجاسوس.. الإسرائيلي؟! ليس سرا أن الولاياتالمتحدة ضغطت علي مصر بعد ساعات قليلة من إعلان القبض علي الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابيل في يونيو الماضي, وجاءت تلك الضغوط في جانب مهم من المساعدات الاستراتيجية, ولم تفلح هذه الضغوط في وقف الإجراءات الخاصة بالحبس وتوجيه الاتهامات له بالتخابر لمصلحة الموساد. التدخل الأمريكي تم بناء علي طلب إسرائيل نفسها, والتي فشلت اتصالاتها مع الجانب المصري في تغيير الموقف القانوني نحو الجاسوس جرابيل, الذي يحمل جنسيتي البلدين, وأصبحت مسألة الإفراج عنه هي محور اللقاءات المباشرة بين المسئولين المصريين والأمريكيين, وقبل أيام سربت وسائل الإعلام الإسرائيلية الأنباء الخاصة بالإفراج عن الجاسوس. وفي تقديري أن مصر درست المطالب بعناية من جميع الأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية, في ظل الإلحاح الأمريكي المتواصل مع الوعد بتقديم حزمة من المساعدات, لكن الرأي العام يرفض المساومات والضغوط بكل أنواعها, فهي تتعلق بمبدأ السيادة وعدم التدخل في أمر يخص القضاء المصري وحده, وأصبح هو صاحب الولاية بإحالة القضية للمحاكمة أو حفظها, حرصا علي المصالح القومية للبلاد, فمحاكمة الجاسوس أمام القضاء وإدانته إذا ثبت بحقه الاتهام ثم الإفراج عنه مقابل صفقة مثلما حدث مع عزام عزام, هو الأفضل حتي لا نعطي ذريعة لأحد بالتشكيك في القضية, المؤشرات كلها تسير نحو الافراج نظير صفقة ضخمة. فالمخابرات العامة ليس لديها مصلحة في تلفيق هذه القضية أو تلك, فهي قدمت الأدلة الكاملة للقضاء المصري والنيابة تولت عملية القبض علي الجاسوس والتحقيق معه وتوجيه الاتهامات إليه, ولكن في السياسة كل شيء وارد, ولا نستبعد أن يكون لمصر مطالب مهمة تحققها في حالة الإفراج عن جرابيل, وإغلاق ملفه ومبادلته بمصريين محبوسين في سجون إسرائيل, وآخرين في السجون الامريكية. لكن لا يجوز لأي دولة التدخل في شأن القضاء مثلما نراه في قضية هذا الجاسوس, فالولاياتالمتحدة نفسها ترفض مثلا الإفراج عن بولارد المتهم بالتجسس لحساب إسرائيل منذ التسعينيات, وتقول إنها مسألة أمن قومي وتدخل في سيادتها, هكذا كان ردها علي إسرائيل, التي أرسلت جرابيل لمصر بعد الثورة, وهو ضابط بجهاز الموساد, وخدم في جيش الاحتلال وشارك في الحرب علي لبنان, وكل هذا يؤكد أنه ليس مريضا أو مصابا بمرض وراثي, كما رددت وسائل إعلامية, فحالته الصحية ليست أكثر سوءا من الشيخ عمر عبدالرحمن, والذي ترفض أمريكا تسليمه لمصر. أظن أن الإدارة المصرية لن تخاطر بهذه الصفقة إلا بالحصول علي حزمة هائلة من المزايا السياسية والعسكرية والاقتصادية, التي تصب في مصلحة الأمن القومي وأطلاق سراح السجناء المصريين بإسرائيل وغالبيتهم من ابناء سيناء, فالشعب يريد بيانا شفافا حول تفاصيل هذه الصفقة. المزيد من أعمدة أحمد موسي