منذ بزوغ ثورات( الربيع العربي) كانت إيطاليا من اوائل الدول التي أعلنت مساندتها للدول العربية الراغبة في بدء مسيرة نحو الديمقراطية والحرية.. هكذا وصف كلاوديو باتشيفيكو سفير إيطاليا بالقاهرة موقف بلاده. واذا كان باتشيفيكو يري أن طريق الديمقراطية حتما سيكون مليئا بالصراعات والنزاعات والتخبط مثلما كان الحال في جميع الدول المتقدمة التي حققت الديمقراطية والحرية, فهو يحذر ايضا في تصريحات ل الأهرام من الخلط بين مفهوم الحرية والتصرف بالحرية المطلقة دون مراعاة الآخر. الفترة المقبلة لن تكون سهلة, فثمة صعوبات تواجه محاولات الدول التي نجحت في تحقيق هذه الثورات للوصول للديمقراطية.. ويري السفير الايطالي بالقاهرة, ان لكل دولة طبيعتها وظروفها الخاصة, ولايمكن إصدار حكم عام عليها جميعا. ولكن بالنسبة لمصر, الوضع يختلف, فمصر دولة عظيمة يتمتع شعبها بتقاليد وقدرات نادرة علي مستوي العالم تؤهلها للسير في طريق الديمقراطية بما يتناسب مع طبيعتها. ومن الطبيعي ان تكون مسيرة الوصول للديمقراطية مليئة بالصراعات والنزاعات والتخبط وهي مسيرة مرت بها جميع الدول الديمقراطية ومنها إيطاليا. ومصر قادرة علي الصعود لتصبح مجتمعا أكثر ثراء وعدلا وديمقراطية وحرية. لغة التفاؤل تملأ قلب وعقل السفير الايطالي رغم ما تشهده مصر حاليا من حالة تخبط سياسي.. فهو يري ان مصر تمر حاليا بمرحلة انفتاح نحو الديمقراطية, وهي مرحلة تكون في الغالب مليئة بالصراعات والتخبط. ويضع كلاوديو باتشيفيكو النصيحة السياسية لتفادي تلك البلبلة حتي يستطيع المجتمع المصري في هذه المرحلة احداث التطور المطلوب. وتركز النصيحة علي ان يقوم كل فرد في المجتمع وكل القوي السياسية بعدم إغفال المبادئ والحقوق التي من اجلها قامت هذه الثورة. وأهمها أن يعلم الجميع أن الحرية هي الوجه الآخر للمسئولية, فكلما زادت الحرية زادت المسئولية والعكس. كما يجب عدم الخلط بين مفهوم الحرية وبين التصرف بحرية مطلقة دون مراعاة الآخر. وعندما يقرأ كلاوديو باتشيفيكو المشهد السياسي, يقول: لا شك أن هناك كيانات او قوي سياسية ستحاول وقف المسيرة نحو الديمقراطية مثلما حدث في الكثير من الدول الأوروبية المتقدمة, ولكني أثق في قدرة الشعب المصري في إحباط مثل هذه المحاولات والقوي السياسية التي ستثبت أحقيتها بتولي زمام الأمور هي تلك التي ستقدم للشعب المصري برامج جيدة للتنمية والتطور والرخاء وهي اهم المبادئ التي من اجلها قامت الثورة. دور ايطاليا ليس غائبا عن الثورة المصرية, فإيطاليا حسب تأكيدات باتشيفيكو حرصت منذ بداية الثورة المصرية علي تأكيد دعمها ومساندتها لمصر وشعبها. ولم يقم أي مستثمر إيطالي في السوق المصرية بالانسحاب منذ بداية الثورة وحتي الآن, بل علي العكس فالمستثمرون حريصون علي استمرار أعمالهم في مصر والاستمرار في توفير فرص عمل كريمة ومحترمة للشباب المصري. اما بعد الثورة فيقول السفير الايطالي, إن العديد من اللجان المعنية بالتعاون المصري الإيطالي عقدت اجتماعات لبحث التعاون المشترك, وكان أهمها اجتماع للجنة العليا في هذا الشأن برئاسته والدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي, و تم إقرار عدد من المشروعات التي تقدر ب38 مليون دولار تتركز في قطاعات التعليم والتدريب المهني المتخصص للشباب. وكانت إيطاليا قد بدأت بعد الثورة في تنفيذ مشروع كبير لتدريب العاملين بالمهن شبه الطبية وهو تخصص مهم وان كان غير منتشر حتي في أوروبا نفسها. لذا حرصت إيطاليا علي تدريب العاملين المصريين في هذا المجال بما يؤهلهم للعمل بالخارج وليس في مصر وحدها. وسيتم إنشاء معهد متخصص في هذا المجال في مدينة بورسعيد قريبا. كما بدأت إيطاليا التعاون مع مؤسسة مصر الخير التي يرأس مجلس أمنائها فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة لتمويل مبادرة لإلحاق شباب المصريين بالجامعات الإيطالية وبالفعل سافر130 شابا مصريا لإيطاليا أخيرا لهذا الغرض. وفي محاولة ايطالية للحد من الهجرة غير الشرعية, خصصت إيطاليا حصة للهجرة الشرعية للعاملين المصريين المؤهلين للعمل بالسوق الإيطالية بصورة قانونية تكفل لهم عيشة كريمة, وهي اكبر حصة تخصصها إيطاليا لدولة أجنبية علي مستوي العالم, نظرا لأننا نعتبر مصر شريكا مهما لنا. والأمثلة كثيرة وتثبت التزام إيطاليا بمساندة مصر في المرحلة القادمة ودعمها في طريقها للديمقراطية التي قامت من أجلها الثورة.