ثورة25 يناير2011 كانت الباب الشرعي لمطالبة العديد من فئات الشعب بالحقوق الشرعية لهم, ولكنها كانت أيضا فرصة عظيمة لبعض الانتهازيين لركوب موجتها والمطالبة بمطالب فئوية تحت راية الحرية والعدالة مستخدمين. سياسة لوي الأذرع, ومؤسسات التعليم في مصر جزء لا يتجزأ من الوطن, فكما يوجد فيها العالم والشريف يوجد فيها الإنتهازي والفاسد. ان اختيار القيادات الجامعية بالانتخاب كما ينادي بها بعض أعضاء هيئة التدريس خطأ فادح الآن ليس فقط لأن دافع هذا التوجه سياسي من ناحية, ومن ناحية أخري أنه طموح أكبر من القدرات الأكاديمية للمطالبين به, ولكن أيضا لأن هناك فئة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والأكاديميات المصرية لديهم القدرة علي تجييش الأفراد في صفوفهم أكثر من أشخاص آخرين قد يكونوا الأكفأ علميا ومهنيا لتلك المناصب ولكنهم الأقل مهارة في التواصل الإجتماعي بما لا يمكنهم من جمع الكم الأكثر من الأصوات. هذا إلي جانب أن تطبيق الإنتخابات بالتصويت المباشر لإختيار القيادات الجامعية فتح بالفعل في معظم الكليات التي تخوض الإنتخابات الآن باب الرشوة. والرشوة في مؤسسات التعليم العالي مختلفة عن رشوة الإنتخابات في المؤسسات الأخري, حيث أنها تكون بوعود من المرشح لبعض أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة لهم بالمناصب مثل مناصب وكلاء الكليات والمعاهد, ومنح البعض الآخر المهمات العلمية والبعثات, والتسهيل في ترقيات الدرجات العلمية, وتعيين أبناء أعضاء هيئة التدريس في الكليات التي يعمل بها آباؤهم وما إلي ذلك. فهل هذا ما يطمح إليه المنادون بانتخابات القيادات الجامعية الآن؟! ان الأفضل للعاملين بمؤسسات التعليم العالي بأنواعها وللجميع ولأمن هذا الوطن أن تسير الأمور في مساراتها القانونية وأن ننتظر القليل حتي يتم تشريع جديد لقانون تنظيم الجامعات, أو يتم تعديل القانون القائم بعد انتخابات مجلسي الشعب والشوري, وأن يترك جميع من هم في مناصب قيادية مختلفة بمؤسسات الدولة الآن ليقوموا في تلك الظروف العثرة. واذا كان لدي البعض تحفظات علي من يشغلون مناصب قيادية في الدولة فهناك جهات شرعية لتقديم أية مستندات قد يري البعض أنها قد تدين أي شخص يعمل في منصب قيادي مهما كانت سلطته, ولكن لا مجال الآن للهتافات والعبث بمستقبل مصر في مثل هذه الظروف. ان العديد من المواطنين ممن يستشعرون الخطر في ما يحدث بمؤسسات التعليم في مصر يتساءلون: لماذا لا يتم فتح ملفات كل من يتسبب في الإضرار بمصالح مواطنين آخرين مثل الطلاب أو التلاميذ, وبمصالح مؤسسات الدولة, من قبل الوزارات التي يعملون بها؟ فمن حق المسالمين من الشعب المصري أن يعرفوا من هم يهتفون ويتظاهرون ويضربون عن العمل في المؤسسات التي يعملون بها, ومن منهم جمع بين عدة وظائف في الدولة في آن واحد وتقاضي الكثير من الأموال في ظل النظام السابق؟. ان ماتشهده مصر الآن من إنفلات أخلاقي وسلطوي يثير القلق ويذكرني بمقولة الفيلسوف والكاتب الفرنسي الشهير جاك باسوت عندما يملك الكل فعل مايشاء, لا يملك أحد فعل ما يشاء, وعندما لا يكون هناك سيد, فالكل سيد, وحيث الكل سيد فالكل عبيد. فقد كانت كلمات هذا الفيلسوف سببا في وضع قوانين تنظم العلاقات بين اناس بعضهم ببعض, وبينهم وبين مؤسسات الدولة, لفرض الأمان في المجتمع الفرنسي. وفي مصر توجد القوانين التي تمنحنا الأمان الآن وكل ما نطالب به هو سيادة القانون, وليس سيادة الأعلي صوتا. المزيد من مقالات د.ياسمين فراج