محاولة لفهم اللغز! ليس هناك من تفسير يدخل العقل بشأن الموقف الأمريكي الأوروبي الداعي إلي استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وبين إسرائيل دون الإشارة إلي ضرورة التزام إسرائيل بوقف الاستيطان سوي طغيان ثقافة الاستيطان في هذه المجتمعات وتأثيرها علي القرار السياسي وهي ثقافة يمتد عمرها إلي مئات السنين الفائتة التي كانت ترتكز إلي أن الرجل الأبيض المتفوق بفضل الحضارة الأوروبية المتطورة عليه مسئولية المساهمة في رفع أسباب التخلف المنتشر في البلدان الآسيوية والإفريقية من خلال الاستعمار والاستيطان لتسهيل نشر الحضارة الغربية بكل أبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. ومن يراجع ملفات الحقبة الاستعمارية يكتشف بسهولة أن الأرض والثروات المدفونة بداخلها كانت هي الهدف الأساسي للاستيطان الأوروبي في إفريقيا وآسيا وخصوصا في جنوب إفريقيا والجزائر وفلسطين وذلك بدعم صريح ومباشر من الدول الاستعمارية التي كانت تبيح للمستوطنين ممارسة كل أشكال الإرهاب والإبادة العنصرية تجاه السكان الأصليين. كانت الكيانات الاستيطانية المدعومة من الاستعمار الغربي تفعل كل شيء لتثبيت أقدامها فوق الأراضي المغتصبة بما في ذلك اللجوء إلي الحروب العدوانية والغارات الانتقامية عبر الحدود علي دول الجوار لإجبار هذه الدول علي مساعدتها في قمع الانتفاضات المسلحة للسكان الأصليين ومحاكاة ما يقوم به المستوطنون من معاملة وحشية وعنصرية وإرهابية للسكان الأصليين لإذلالهم وكسر إرادتهم ودفعهم إلي اليأس والاستسلام بدعوي عدم جدوي التناطح بالرأس مع القوة الفائقة للرجل الأبيض. والحقيقة أن فكرة الاستعمار الاستيطاني ولدت في أوروبا منذ نهايات القرن السابع عشر بدواع اقتصادية هدفها استلاب ثروات الدول الإفريقية والآسيوية من أجل إنعاش الاقتصاد الأوروبي سواء بذرائع أمنية أو تحت غطاء ديني وإعادة بعث الخرافات والأساطير من نوع استقطاب أثرياء اليهود لدعم مقولة شعب الله المختار وخرافة أرض الميعاد ومن ثم ضرورة عودة اليهود إلي أرض فلسطين وإقامة المستوطنات عليها دون مراعاة للحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينيين باعتبارهم أصحاب الأرض وسكانها الأصليين! ما ذكرته ليس تفسيرا تآمريا في قراءة التاريخ وإنما هو محاولة لفهم اللغز الراهن في المسرح الدولي! خير الكلام: الطمع الزائد يحول الحياة إلي غابة متوحشة! [email protected]