تكامل وتواصل, تناغم وتفاهم, ترابط وتلامس, تتآخ وتسامح, احتضان وترحيب, انسجام وتهليل, تصفيق وتشجيع, احترام وتقدير; تلك كانت اجواء مدينة تلمسانالجزائرية حين احتضنت اسبوع الثقافة المصرية في اطار كونها عاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام. اسدلت ستاره علي فسحة اخري من فسحات الوطن, علي فضاء آخر من فضاءات التلاقي والتعايش والمودة, علي عنوان جديد من عناوين الحوار والتفاهم والمحبة. علي إيقاع الفنون والثقافة المصرية عاشت مدينة تلمسان رحلة ممتعة وعميقة لمدة اسبوع مع التراث والحضارة, مع الموسيقي والالحان والاغاني والانغام, مع القصائد والاشعار, مع الكتاب والافلام, مع المسرح والابداع. رسائل حب وتقدير حملها الوفد المصري الثقافي الي الشعب الجزائري قوبلت بنفس مشاعر التقدير والاحترام والعرفان والاعتراف بثقل وأهمية البلد الزائر الذي هو مهد الحضارات والثقافات ووريث روائع بلاد نهر النيل والاهرامات استأثرت الايام الثقافية المصرية باهتمام واضح من الحكومة, وحضور لافت من الجمهور, وتفاعل كامل من المشاهدين وتقاسم شامل للبهجة والفراحة والامتاع, واصرار بالغ علي اعادة التلاحم التاريخي بين الشعبيين واهمية دفع العلاقات المصرية الجزائرية الي الامام. إنني اري الابتسامة الجميلة بارزة علي الوجوه, والضحكات الصافية نابعة من عمق القلوب حين تعدو مفردات الفنون والثقافة كائنات حية وأليفة ينسج الناس معها وشائج صداقة ومحبة لاتعرف شحوب ولاجحود. يقيني انه لسنوات طويلة استمرت قوة مصر الثقافية ترسم صورة مشرقة وجلية لبلاد الكنانة علي المستوي العرب والاقليمي الدولي اعطتها الريادة والتميز ومنحتها التآلف والخصوصية وجعلتها مركزا للإشعاع ومنارة للعلم وجسرا لتحاور الحضارات وأرضا للتعايش والتسامح فمصر ذات تاريخ عريق وطويل يبدأ ماقبل التاريخ ويمتد الي عصور الفراعنة والحقبة اليونانية والرومانية فالسيطرة العربية وصولا الي العصر الحديث, عبر هذه القرون الطويلة, فشكلت الثقافة والفنون والابداع والفكر شخصية مصر المميزة عن محيطها وجيرانها بما عرفت من تعددية ثقافية داخل حضارتها القوية الصلبة التي علمت البشرية كيفية الإصغاء اليها!نعم إنها قوة مصر الناعمة والساحرة والمتجددة الفاعلة التي ادعو الي المحافظة عليها والاهتمام بها ووضع خطط استراتيجية وآليات واضحة للانطلاق بها نحو آفاق بعيدة. حديثا هنا الي وزارة الخارجية ووزارة الثقافة, حيث التلامس والتشارك والتعامل مع قطاع العلاقات الثقافية الخارجية الذي يشارك في رسم وتشكيل هذه اللوحة الجميلة الزاهية.. كيف يمكن دعم انشطة هذا القطاع وتنمية موارده ومصادر دخله حتي يؤدي دوره بطريقة فاعلة؟. وظني ان العلاقات السياسية المصرية الجزائرية اذا كانت قد تأثرت قليلا بسبب ما يعرف موقعة أم دورمان الكروية المخجلة وكانت تحتاج الي خطوات دبلوماسية عديدة لتطويرها; فإن الثقافة هي التي اعادت رسم هذه الخطوات واستطاعت ان تعبر دون عوائق او قيود, وتسكن في القلوب دون حواجز أو نفور. لذلك فإنني اطالب المسئولين في البلدين بتسريع وتيرة تجويد العلاقات الثنائية, والبحث في عقد اجتماعات اللجنة المصرية الجزائرية المشتركة العليا والعمل علي بناء علاقات ومصالح مشتركة للجانبين علي اسس سليمة وواضحة لينعكس ذلك علي مجمل العلاقات الي الامام. واخيرا ما اكتبه عن الجزائر ينطبق بطريقة او بأخري علي بلدان عربية شقيقة ينبغي بذل الجهد لمزيد من تطوير العلاقات معها لعل اكثرها إلحاحا الآن السودان بشقيه الشمالي والجنوبي وكذلك العراق. المزيد من مقالات محمد مطر