لتخريج عالم موسوعي، الجامع الأزهر يطلق برنامجا علميا مكثفا للطلاب الوافدين    الأولى محليًا.. ترتيب جامعة عين شمس في تصنيف THE impact ranking    رئيس جامعة كفر الشيخ يهنئ السيسي بعيد الأضحي المبارك    انتهاء امتحانات الفصل الدراسي الثاني في «تجارة أسوان»    الطريقة الصحية لتناول اللحوم خلال أيام عيد الأضحى المبارك (فيديو)    التجارة: توفير فرصة استثمارية لشركة تركية للملابس بمصر برأسمال 700 مليون دولار    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بطوخ الجمعة (موعد ومدة الانقطاع)    الرقابة المالية توافق على زيادة رأسمال شركة إعمار مصر للتنمية    سفينة تجارية تطلق نداء استغاثة بسبب إصابتها بصاروخ شرق عدن    منظمة التعاون الإسلامي تعزى الكويت في ضحايا حريق المنقف    مايكل أوليفر حكمًا لمباراة إسبانيا وكرواتيا فى يورو 2024    قبل ضربة البداية، تعرف على تصنيف الفيفا لجميع المنتخبات المشاركة في يورو 2024    صور | احتفالا باليوم العالمي للدراجات.. ماراثون بمشاركة 300 شاب بالوادي الجديد    الشرطة تصدم تاجر سلاح غسل 17 مليون جنيه بالجيزة    "راودها عن نفسها فاستعصمت فذبحها داخل غرفة نومها".. حكاية تاجر مواشي أسيوط وزوجة عمه    قرار من القضاء ضد شقيق كهربا في الاعتداء على رضا البحراوي    الداخلية: تكثيف الحملات المرورية على كافة الطرق والميادين    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    منى زكي وإيمان العاصي.. رسائل نجمات الفن ل سلمى أبو ضيف احتفالا بعقد قرانها    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    حفظ بلاغ الفنانة سمية الخشاب ضد رامز جلال    إلغاء حفل مطربي المهرجانات عنبة وحمو بيكا وعمر كمال لهذا السبب    خريطة حفلات عيد الأضحى.. أول ظهور ل شيرين بعد الخطوبة وعمرو دياب بعد أزمة "الصفعة"    الإفتاء للمضحي: لا يجوز تعذيب الذبيحة والمبالغة في إيلامها للتمكن من ذبحها    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    استشاري نفسي يحذر من 5 أشياء في حياتنا تكشف الإصابة بالأمراض النفسية    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    محافظ القليوبية يعتمد تنسيق قبول الصف الأول الثانوي العام    محافظ أسوان: تخطي المستهدف في توريد القمح    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    عقوبات أمريكية لأكثر من 300 فرد وكيان يساعدون روسيا على حرب أوكرانيا    5 أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. إنفوجراف    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    يديعوت أحرونوت: اختراق قاعدة استخباراتية إسرائيلية وسرقة وثائق سرية    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    قرار عاجل من فيفا في قضية «الشيبي».. مفاجأة لاتحاد الكرة    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    رئيس هيئة الدواء: السوق المصرية أكبر الأسواق الإفريقية بحجم مبيعات حوالي 7 مليارات دولار سنويًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حدث لثورتنا؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 09 - 2011

اسمحوا لي أن أستنسخ في البداية السطور الأخيرة من مقالي السابق الذي انتقدت فيه أداء قناة الجزيرة في مصر اذ قلت نصا‏:‏ أكرر هنا ماذكرته منذ أول مقال لي قبل عشر سنوات عن هذه القناة وهو أن التصدي لايكون عن طريق اغلاق مكاتبها أو طرد مراسليها, ففي عصر السماوات المفتوحة يفيدها هذا أكثر مما يضرها يزيدها دعاية وانتشارا ويكسبها مصداقية لاتستحقها, التصدي الفعال يأتي من طرفنا نحن بأن يكون إعلامنا قويا قادرا علي المنافسة.
وفي المقال السابق علي هذا مباشرة, وكان عنوانه وحدة الصف والجزيرة كتبت أيضا: السبيل الوحيد لمواجهة الجزيرة وأي غزو اعلامي آخر هو أن ينهض اعلامنا الوطني ليكون كفؤا وكافيا فالحجر علي نشاط القناة لن يتحقق ولن يجدي.
هل كان يمكن أن أكون أكثر وضوحا في هذين المقالين وغيرهما مما كتبت في رفضي للمصادرة والحجر علي حرية الرأي والتعبير؟ لقد قضيت نصف عمري نفيا وتشريدا بسبب الدفاع عن حرية الرأي فما الذي يمكن أن يدعوني في آخر العمر إلي التخلي عن هذا المبدأ؟ لهذا فأنا أنصح من ربطوا تعسفا بين مقالي في الأهرام وإغلاق قناة الجزيرة مباشرة أن يعيدوا قراءة المقالين من جديد ليدركوا أن هذا الاغلاق المؤسف قد جاء ضد نصيحة الكاتب لاستجابة للنصيحة. ويكفي هذا لنطوي الصفحة ولنتذكر ثورتنا.
سيذكر من يخشي بالفعل علي مستقبل هذا الوطن وثورته, كيف كنا وكيف أصبحنا في البدء عشنا زمنا رغدا بعد52 يناير من الأفراح الثورية والأناشيد الوطنية وتصدرت المشهد علي الشاشات صور الشباب الذين صنعوا الثورة, اي الذين دعوا اليها ونظموها فانضم لها الملايين وزاد هؤلاء الشبان قدرا ومكانة في النفوس حين ظهرت وانتشرت صور الشهداء والشهيدات, وأصبحت أيقونات للثورة يحملها الناس علي صدورهم باعتزاز ممتزج بالشجن لهذه الأرواح الطاهرة التي دفعت بدمائهما ثمن حريتنا, وظلت شاشات التليفزيون علي مدي أسابيع تنقل صورة الميدان الدائري المشغول بأكمله بالثوار مثل زهرة عملاقة ترفرف فوقها أعلام الوطن, وعبرت هذه الصور الحدود فانبهر لها العالم الذي خطفت لبه منذ البدء هذه الثورة السلمية الشجاعة فأصبح ميدان التحرير مزارا سياحيا تتري عليه وفود الأجانب لتشاهد الحرم الذي انبعثت منه المعجزة لمجرد أن تراه وتطوف به.
وتكلل الأمر كله حين ظهر علي الشاشة القائد العسكري الكبير ليؤدي التحية لشهداء الثورة فدخلت هذه اللفتة القلوب وانعكست مزيدا من الاعتزاز بجيشنا الوطني الذي حمي الثورة ومكن لها النجاح.
ظلت مصر كلها خلال هذا العيد الثوري علي قلب رجل واحد, انتشرت حكايات الوحدة الوطنية التي تألقت علي نحو غير مسبوق حين كان المسيحيون يحمون المسلمين في أثناء صلواتهم وسط قصف النيران وهجمات البلطجية والمسلمون يقدمون الحماية نفسها لإخوانهم الأقباط وذاعت قصص تحول الميدان الي يوتوبيا( أي مجتمع مثالي فاضل) اذ لم يشهد المكان الذي ضم الآلاف المؤلفة علي امتداد أسابيع الثورة جريمة واحدة, بل ولاحالة تحرش واحدة, وفي هذه اليوتوبيا ائتلف اليمين واليسار والاسلاميون والعلمانيون والشيوخ والشباب وكل طبقات الشعب علي اختلافها.
هذا ماكان في عيدنا الثوري( القصير مع الأسف) أما الآن فمن بعد هذه الوحدة الباهرة قد أصبحنا أمما شتي, حل التنابذ والانقسام والاقصاء وتبادل الاتهامات بل تبادل السباب محل التآلف القديم الرائع لكل مكونات الأمة.
وواجبنا أن نحاول فهم السبب أو الأسباب وراء هذا الانقلاب النكد.
لايهم ترتيب الحوادث زمنيا في هذا السياق ولكن فلتذكر أن أول شرخ كبير في جدار الوحدة كان احياء الفتنة الطائفية بحرق كنيسة اطفيح, تخيلنا أن الثورة قد وضعت نهاية الفتنة التي كان النظام البائد يشعل نبرانها ليتحكم في المسلمين والمسيحيين معا, لكن النار كانت تحت الرماد وهناك من يغذي جذوتها, وبدلا من العودة الي الحديث عن عوامل الفتنة فلنركز علي المفاجآت أو الأخطاء في علاجها. فبينما كان المأمول من السلطة الثورية الجديدة( ممثلة في المجلس الأعلي ومجلس الوزراء) التصدي للمشكلة بحزم في اطار القانون فقد لجأت الي الجماعات السلفية المتشددة للتوسط في حل الأزمة, مثلما لجأت اليها عند نشوب الفتنة في قنا وقطع طرق المواصلات والسكك الحديدية كان الرأي العام يتطلع الي أن تظهر الدولة هيبتها وقوتها ليشعر المجتمع بدوره بالاطمئنان الي أنه يحيا في دولة القانون غير أن الدولة أبدت اللين والتسامح في غير موضعهما مما شجع الخارجين علي القانون ودعاة الفتن علي التمادي في غيهم ثم ان اللجوء الي الجماعة السلفية عزز انطباعا سائدا ومقلقا بأن هناك نوعا من التوافق بين التيارات الدينية والسلطة الحاكمة, ومما أكد هذا الانطباع أن الدولة اقصت بالتدريج الشباب الثوري الذي قاد ثورة مدنية في جوهرها ولم تترك لهم مجالا للتعبير عن أنفسهم ومطالبهم الا التظاهر في ميدان التحرير الذي أصبحت تضيق به ذرعا بينما تتهم أبواق السلطة هؤلاء الشباب بأنهم يعطلون عجلة الانتاج ويسببون انفلات الأمن وقطع المواصلات والمشاكل الأخري التي يعاني منها البلد وذلك بسبب تظاهرهم في يوم العطلة الأسبوعية وفي مكان واحد من العاصمة.
وليت ذلك عوضه انفتاح علي مكونات المجتمع المدني الأخري للأخذ والعطاء, بالعكس ظل المجلس العسكري نائيا وبعيدا وظل مجلس الوزراء مجهولا
محطة رئيسية أخري في احداث الانقسام في جسد المجتمع هي الاستفتاء علي تعديل الدستور كان ذروة الفرح بالثورة الذي أقبلت عليه ملايين غير مسبوقة وتقبلت نتيجة الاستفتاء غالبية الشعب ممن قالوا نعم وممن قالوا لا علي السواء غير أن هذا الاستفتاء الذي كان يتعلق أساسا بالمواد التي تحجم سلطات رئيس الجمهورية المقبل وبوضع خريطة طريق للتحول الديمقراطي بالتدريج ليصبح شيئا أو أشياء أخري تماما, فقد اعتبرته التيارات الدينية استفتاء حصريا علي تطبيق الشريعة وعلي رفض فكرة الدولة المدنية ومن يدعون اليها, بل اعتبرها بعض أعضاء المجلس العسكري استفتاء علي الثقة بهذا المجلس من جانب الأغلبية التي صوتت بنعم, هذا مع أن أيا من تلك الأمور الثلاثة لم يكن مطروحا للاستفتاء صراحة أو ضمنا ثم أدخلنا الاستفتاء في دوامات الدستور أولا, أو الانتخابات أولا والنتيجة هي مزيد من الاستقطاب والاقصاء المتبادل, وسعي بعض التيارات الدينية الي الاستقواء بالمجلس العسكري وسعت تيارات أخري الي الاستقواء بقوتها الذاتية.
عامل ثالث مهم في ضياع روح ثورتنا الحقيقية هو عودة أنصار النظام السابق للعمل علنا وبقوة تحت مسمي أبناء مبارك أو آسفين ياريس أو غير ذلك من الترهات, وقد اعتبرت ومازلت أصر علي أن السماح لهذه الفلول بالعمل لاعلاقة له باحترام الديمقراطية أو حرية الرأي الآخر ولكن له علاقة مباشرة بالسعي الي هدم الثورة وتقويضها وقلت من قبل ان الواجب الأول لأي ثورة حتي قبل السعي الي تحقيق أهدافها هو حماية الثورة نفسها, لم يحدث في أي ثورة في التاريخ أن خرج انصار النظام المباد ليدعوا مطمئنين الي عودة هذا النظام في عز المد الثوري.
هل يتخيل أحد أنه كان يمكن أن تخرج في شوارع باريس بعد الثورة الفرنسية مظاهرات باسم أبناء لويس السادس عشر أو أن من الممكن أن يسمح المجلس الانتقالي الليبي اليوم بخروج مظاهرات في بنغازي تحت شعار ابناء القذافي؟
مثل هذا عبث بل هو جريمة لاتغتفر في حق الثورة وخيانة لها تستدعي التحقيق والمساءلة.
ومن البديهي أن تسعي هذه الفلول الي تلويث صورة ثورة الشباب وقد أتيحت لهم بغرابة منابر في الإعلام وفي الفضائيات تتهم هؤلاء الشباب الأطهار بكل نقيصة فهم عملاء لقوي خارجية يقبضون مالا, وهم خونة وماسونيون يعملون لحساب إيران واسرائيل وحماس معا في وقت واحد.
ومن أسف أننا نترك هذه القنوات بملء حريتها, ولكن السلطة الحاكمة لم تصبر علي المذيعة القديرة دينا عبد الرحمن التي شاركت بشجاعة في الثورة بشخصها وبرامجها, فأبعدتها عن العمل في لحظة واحدة واستمر ابعادها حتي الآن بينما يعمل أحمد سبايدر شتام الثورة بكل حرية هو وأشباهه.
ومن اسف أيضا أن المجلس العسكري قد أسهم بدوره في حملة الهجوم علي شباب الثورة حين اتهم أحد أعضائه حركة6 ابريل وحركة كفاية بالعمالة للخارج, لم يصحب الاتهام أي دليل ولكن سرعان ماتلقفه خصوم الثورة لتعميم الاتهام علي حركات الثورة وشبابها جميعا.
وبالرغم من كل ماذكرته وكل مايمكن توجيهه من نقد لأعضاء في المجلس العسكري فأنا ممن يعتقدون أن هذا المجلس صمام أمان للوطن في غيبة مؤسسات الدولة الدستورية وأعتقد أننا يجب أن ندعم هذا المجلس حتي لايهتز أساس بناء دولتنا لاقدر الله, وهذا يلقي علي عاتق المواطنين مسئولية كبيرة تحتاج الي الصبر والاحتمال, ويلقي مسئولية مماثلة علي عاتق المجلس العسكري الذي اختار أن يكون مؤتمنا علي الثورة. عليه أولا أن يقترب أكثر من الثوار الحقيقيين, وأن ينأي عن خصومهم بالدرجة نفسها وأن يدرك ثانيا وثالثا أن قوانين الطواريء لاتصلح لحكم الثورات.
المزيد من مقالات بهاء طاهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.