قامت ثورة 25 يناير تطالب بالتغيير, وفي سبيل ذلك سقط ألف شهيد وأربعة آلاف جريح.. قامت هذه الثورة لتحقيق إرادة الشعب وأحلامه لمستقبل واعد. والركيزة الأساسية لتفعيل هذا الهدف هي الاهتمام بمنظومة التعليم في كل حلقاتها ابتداء من التعليم الأساسي وانتهاء بالدراسة الجامعية والبحث العلمي. ولايخفي علي فطن أن الجامعات المصرية قد أصابها الترهل وتراجعت كثيرا عن تحقيق أهدافها في التعليم والبحث العلمي..وهنا يجب التأكيد أولا وقبل كل شئ أن الجامعة ليست مدرسة لتخريج الفنيين والمهنيين وإنما هي مكان لإحياء الروح العلمية والبحث العلمي, ومن ثم فإن التعليم الجامعي من أهم وظائف الدولة وأكثرها خطرا, حيث انه الأداة الرئيسية لتزويد البلاد بالفنيين والخبراء في مختلف المجالات والعلوم, وترتيبا علي ذلك تصبح الجامعات معقلا للفكر الانساني في أرفع مستوياته ومصدرا لاستثمار وتنمية ثروات المجتمع وأغلاها وهي الثورة البشرية. ومشروع النهضة للتعليم الجامعي له عدة ركائز هامة: 1 استقلال الجامعات في إدارة شئونها. 2 الوحدة الأساسية في البناء الجامعي هي القسم العلمي ويرأسه استاذ الكرسي. 3 الاعلان المفتوح غير المشروط هو الأسلوب الوحيد للتعيين أو الترقي لأعضاء هيئة التدريس أو لتقلد ما يعرف بالمناصب القيادية. 4 ضرورة تفرغ اعضاء هيئة التدريس وجوبا.. ولا يسمح لهم بالعمل خارج أسوار الجامعة. 5 تخصيص الموارد المالية الكافية لدعم رواتب اعضاء هيئة التدريس. 6 تخصيص الموارد المالية اللازمة للبحوث العلمية الجادة. وقد أصابتني الدهشة الممزوجة بالاستنكار أن ينادي بعض اعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية أن يكون اختيار القيادات الجامعية (رؤساء الأقسام العمداء مديري الجامعات) بالانتخاب.. أتفق معهم في أن التعيين مرورا بجهاز أمن الدولة كان خطأ فادحا.. لكن الانتخابات سوف تكون خطأ أفدح..! وأتصور أن الدافع لهذه الاتجاهات أمران: الأول: سياسي والثاني: طموح أكبر من القدرات الأكاديمية للمطالبين. الجامعة ليست ملكا لأعضاء هيئة التدريس أو للطلبة. لكنها ملك للوطن بأكمله... الوطن الذي يتطلع بعد ثورته الشعبية إلي مؤسسات قوية طموحة تحقق له الرفعة والقدرة والوفرة. وإني علي يقين أن المطالبين بالانتخابات (9 مارس وآخرين) وكذلك اصحاب القرار التنفيذي يعلمون جيدا أنه لا توجد جامعة من جامعات العالم يتم اختيار القيادات الأكاديمية بواسطة الانتخابات وان السبيل الوحيد لها هو الاعلان المفتوح غير المشروط الذي يوفر التنافسية الأكاديمية. وقد أصابني الاحباط ايضا أن الحكومة وفي اطار السياسة الاسترضائية وبخلاف المفهوم الثوري الذي يدعو للتغيير الشامل قد استجابت لهذه المطالب..!! مصر تحتاج الآن لرجال دولة.. لهم القدرة علي طرح الأفكار والنظم التي تمهد إلي علو شأن البلاد بدلا من سياسات استرضائية تؤدي إلي الحط من شأنها.