اعتقال عائشة وكاريكاتير عيد الميلاد ولما كان اليوم الثامن عشر لثورة 25 يناير 2011, اكتمل بهاء المشهد الاسطوري بسقوط مبارك في 11 فبراير في تلك اللحظة النورانية, اجتاحت الفرحة قلب الدكتورة عائشة. كانت قد اعتادت منذ بدء الثورة. أن تهرع, فور عودتها من المستشفي التي تعمل به في درعا بسوريا, .. إلي شاشة التليفزيون. وتتابع بدأب وانبهار أحداث ميدان التحرير بقلب القاهرة.وقد خلبت الصور التليفزيونية لبها. وعندما ومضت صور الانتصار, انقشع الخوف من بطش النظام, وسقط قناع الولاء المصطنع للرئيس القائد. وأسرعت الدكتورة عائشة إلي التليفزيون. وأعربت لصديقة لها عن سعادتها بسقوط مبارك وختمت مكالمتها بعبارة موحية.. العقبي عندنا.. ولم تخطيء أجهزة التنصت في تسجيلها. وبادرت شرطة الرئيس القائد باعتقال عائشة وصديقتها. لكنهما لم يمكثا طويلا في السجن. فقد استجابت سلطات درعا لتوسلات أهلهما. وأطلقا سراحهما. غير أن أطفال أسرة الدكتورة عائشة ساءهم ما حدث لها من اهانة. وعبروا عن غضبهم, عندما انتهي اليوم الدراسي, بالكتابة علي الجدران في الشوارع الشعب يريد اسقاط النظام ربما كانوا يتصورون أنهم يلعبون لعبة ميدان التحرير. لكن قوات الرئيس القائد نشبت مخالبها الغليظة في أعناق الأطفال وزجت بهم في السجن. وتعرضوا لتعذيب مروع. فقد انتزعوا أظافر أصابعهم التي جرؤت علي كتابة الشعار علي الجدار. ولم تستجب السلطات لتوسلات أهالي الأطفال, وتطلق سراحهم. وكان هذا ما فجر ثورة 18 آذار (مارس) 2011 التي انطلقت من درعا, وانتشرت في معظم المحافظات السورية. ولم يدرك نظام الرئيس القائد أن أقنعة اصطناع الولاء التي ألصقها البطش علي الوجوه قد تطايرت بفعل صور أسطورة ميدان التحرير في ضوء اشراقتها الأولي (قبل الانقسام واختطاف المنابر). ولم يتردد النظام في اطلاق رصاص الدولة البوليسية لقتل الثوار. لكن عشاق الوطن والحرية يمضون في جسارة في طريق الثورة, بينما ينحدر النظام. فقد أطلق أجهزة أمنه علي الرسام السوري العالمي علي فرزات وأوسعوه ضربا. وكسروا أصابع يديه حتي لا يرسم كاريكاتيرا يتطاول فيه علي الرئيس القائد. وبينما يضمد الرسام كسوره, احتفل الرئيس القائد وأنصاره بعيد ميلاده السادس والأربعين, منذ أيام. فقد ولد في 11 سبتمبر 1965 وعندما بلغ الخامسة من عمره قام والده حافظ الأسد, وكان وزيرا للدفاع بانقلاب عسكري في نوفمبر 1970 وصار رئيسا. وهيمن علي البلاد. ولم يعد سرا منذ مستهل التسعينيات أنه يعد ابنه باسل لخلافته. غير أن باسل لقي مصرعه في حادث سيارة عام 1994, واتكأ علي ابنه بشار طبيب الأسنان لخلافته. وهو ما حدث بالفعل, فيما يعتبر انقلابا علي النظام الجمهوري وقيمه في تداول السلطة. وعندما اشتد عصف قوات الرئيس القائد بسوريا وشعبها.. كتب الأطفال علي الجدران, بعد سقوط القذافي وفراره, دورك قادم يا دكتور. ويقول نفر من المقربين من الرسام علي فرزات أن الألم يعتصره لأنه لا يستطيع, بمناسبة ذكري عيد ميلاد الرئيس القائد, أن يرسم كاريكاتيرا يصور فيه الدكتور وهو يخلع أسنانه, بينما يزج به الثوار في حفرة عميقة بالخندق الأخير. المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي