أنا واحد من هؤلاء المصريين الذين يتهافتون علي أداء العمرة في النصف الأخير من رمضان منذ أكثر من ربع قرن وأول أيام العيد كانت عودتي من الأراضي الحجازية بعد أن عشت تجربة مريرة بسبب أزمة الطائرات اضطرتني الي النوم علي البلاط لساعات دون دواء القلب والضغط ووسط صالات ممتلئة بالقاذورات ومخلفات الأطعمة التي تركها المعتمرون العالقون بالمطار. لأول مرة أشاهد الفوضي والاختلال بالنظام بمطار الملك عبد العزيز ومدينة الحجاج فلا شرطة ولا موظفون بالصالات ولاحتي أي مسئول لتوضيح أسباب التأخير رغم ان الشركة الناقلة تقاضت مبالغ كبيرة كسعر لتذكرة الطائرة الاضافية المقرر سعرها في ميعاد محدد هو آخر رمضان29 أغسطس. لم يحدد أحد أسباب هذا الخلل في مواعيد الطائرات والرحلات..سواء الخطوط السعودية أو مصر للطيران.. وتعطلت العديد من الرحلات وبدأ الركاب يتدافعون علي أي صالة في زحام شديد وتكدس وانفلتت الأعصاب وخرج المعتمرون عن الروحانيات بسبب عدم وجود خدمات بمدينة الحجاج أو مسئولين أضرب المسئولون السعوديون عن العمل وغادروا مكاتبهم, كما غادر أفراد شرطة الجوازات أماكنهم تاركين المعتمرين في حيرة من أمرهم دون رعاية أو تقديم أية خدمات, الأمر الذي أدي الي خروج البعض عن النظام والقيام بمظاهرة داخل المطار ضد السلطات ونقل ميدان التحرير الي مدينة الحجاج وحدوث فوضي عارمة وتحطيم بعض الصالات والهرج والمرج. ولقد ظل المعتمرون علي هذه الحالة لساعات طويلة في غياب اي مسئول دبلوماسي أو من الشركة الناقلة لتعريف الركاب بما يحدث.. هل القصور من جانب شركة مصر للطيرن التي لم تستعد لنقل الركاب بطائرات إضافية مستأجرة أو من اسطولها في شكل متعمد وإهمال ظاهروإلقاء اللوم علي المراقبة الجوية لمطار الحجاج التي أشيع انها لن تسمح بقيام الطائرات بنقل الركاب إلا كل أربع أو خمس ساعات وان هذا التصرف من جانب السلطات السعودية انما جاء ردا علي محاكمة الرئيس المخلوع وان القصد هو إذلال المعتمرين واهدار أدميتهم وقيل ان السبب هو عدم وجود طائرات مصرية كافية لنقل هذه الأعداد الكبيرة.. ولاشك ان هذه الأزمة يجب الوقوف أمامها لبحث أسبابها ومن المسئول عنها ومحاسبة المسئولين عنها فهي أزمة متعمدة وليست بسبب قاهر أو ظروف خارجة عن إرادة الشركة الناقلة. وجدير بالذكر انه في مايو سنة20011 حدثت أزمة تكدس ركاب في أوروبا, حينما اضطرت سلطات المراقبة الجوية في العديد من المطارات الأوروبية الي إلغاء عشرات الرحلات بسبب سحابة الغبار الناجمة عن بؤرة بركان في أيسلندا, وهو الأمر الذي جعل الركاب يتصرفون بأسلوب حضاري ويقبلون الغاء رحلاتهم والانتظار حتي تنقشع الغمامة والغمة. أما ماحدث في مدينة الحجاج بجدة فهذا أمر مختلف تماما.. وكانت ادارة المطار وشركات السياحة قد ارتكبت العديد من الاخطاء الجسيمة في حق المعتمرين المصريين وأهدرت كرامتهم بشكل متعمد, وهو الأمر الذي يعرض هؤلاء جميعا للمسئولية طبقا للمواد17,20,22,25 من اتفاقية فارسوفيا اعتبارا بأن الناقل الجوي يكون مسئولا عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو اصابة أي راكب اذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر قد وقعت علي متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود والهبوط. لقد اصابتني هذه التجربة المريرة بالصدمة لما رأيته من تصرفات بعض المعتمرين المصريين تتعارض تماما مع الاخلااق الاسلامية والفهم المغلوط لثورة الشباب والديمقراطية, فليست الحرية التي نادت بها الثورة مجرد التصرف الشائن وعدم احترام القانون وهيبة الدولة والاخلال بالنظام والتجرؤ علي الكبار وليست عدالة الدهماء ولاتعني مطلقا ان يتساوي الكبير مع الصغير وان الأمر يحتاج الي توعية الناس ودراسة الاخلاقيات والأفكار التي نجمت عن الثورة المصرية.. وتصحيح المفاهيم وان يكون الدين ليس مجرد طقوس تؤدي في المساجد وانما هو معاملة طيبة قبل أي شئ واحترام ونظافة. ولايفوتني هنا ان أشيد بموافقة خادم الحرمين الشريفين علي أكبر مشروع توسعة في تاريخ الحرم المكي تشمل مرونة عالية في دخول الحرم والخروج منه اضافة الي وفرة المياه وتكييف سائر المسجد الحرام والأهم من ذلك ان تحولت أفكاري ومقترحاتي التي ناديت بها عام2007 بتوسعة ساحة المطاف وتظليله وتطوير الساحات والسطوح وتطوير المواصلات ومد خطوط السكك الحديدية الي سائر الأماكن المقدسة وهي مقترحات كنت قد تقدمت بها الي الشيخ صالح عبد الرحمن الحصين الرئيس العام لشئون الحرم المكي والمدني وقد تحقق الحلم وتمت توسعة المسعي والجمرات والأهم من ذلك توسعة صحن الحرم المكي باعتبار أن الطواف هو الركن الأساسي من الحج والعمرة والله من وراء القصد.