يعد صحفي من الطراز الأول، وكاتب متميز له قلم يكتب ما لا يمكن نسيانه على مر العصور، فليس من العجيب أن تكون له نكهة خاصة؛ لأن كتاباته منذ عهد الملك فاروق حتي وفاتة لها قيمة كبيرة، ففي مثل هذا اليوم غاب عن عالمنا الكاتب الصحفي الكبير "محمد حسنين هيكل"، عن عمر يناهز 93 عامًا، مكللين بالتفوق والتميز وخبايا وأسرار كل عصر عاصره. *المولد ولد الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل بقرية باسوس، التابعة لمحافظة القليوبية، فى 23 سبتمبر عام 1923م، تلقى "هيكل" تعليمه بمراحله المتصلة في مصر، وكان اتجاهه مبكرًا إلى دراسة وممارسة الصحافة، ففي عام 1943، تزوج من السيدة هدايت علوي تيمور في يناير 1955، الحاصلة على ماجستير في الآثار الإسلامية، ولديهما ثلاثة أولاد هم "على" طبيب أمراض باطنية وروماتيزم في جامعة القاهرة، و"أحمد" رئيس مجلس إدارة شركة القلعة للاستثمارات المالية، و"حسن" رئيس مجلس الإدارة المشارك والرئيس التنفيذي للمجموعة المالية "هيرميس". *من صحفي بقسم الحوادث إلى مدير تحرير"أخبار اليوم" عمل"هيكل" بجريدة "الإيجبشيان جازيت" كمحرر تحت التمرين في قسم الحوادث، ثم انتقل إلى القسم البرلماني، فاختاره رئيس تحرير "الإيجيبشيان جازيت" كي يشارك في تغطية بعض معارك الحرب العالمية الثانية في مراحلها المتأخرة، ثم تم تعيينه عام 1944 كمحرر بمجلة آخر ساعة والتي كان يرأس تحريرها، ثم أصبح مراسل بأخبار اليوم. حصل"هيكل" على جائزة "فاروق الأول للصحافة العربية"، وذلك لتميزه فى سلسلة التحقيقات التي أجراها في قرية "القرين" بمحافظة الشرقية؛ لأن وباء الكوليرا، انتشر بها، وذلك بعنوان "الحياة في قرية الموت". ثم تولي " هيكل" منصب منصب رئيس تحرير "آخر ساعة"، ومدير تحرير "أخبار اليوم"، فتوجه بعدها إلى السياسة، مما زاد من صلته بالقيادات السياسية بالدولة، ثم أصبح أشهر الصحفيين العرب في القرن العشرين، لأنه ساهم في صياغة السياسة في مصر منذ عهد الملك فاروق حتى وفاته، التي نتجت عن إصابته بفشل كلوي استدعى غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعيًا. *قصته مع الرئيسان " عبد الناصر ومبارك": كان "هيكل" أحد الكتاب البارزين عندما قامت ثورة يوليو، التي جاءت بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى كرسي الحكم، خاصة بعد تغطيته الإعلامية كمراسل فى حرب فلسطين، التي شارك فيها عبد الناصر وضباط الثورة، ولكنه رفض عرض الرئيس عبد الناصر بشأن توليه رئاسة تحرير صحيفة "الجمهورية"، معللًا بذلك أنه يؤمن بأن الثورة لا تحتاج جرائد تعبر عنها. اعتذر "هيكل" في عام 1956، عن تولي مجلس إدارة ورئاسة تحرير "الأهرام"، لكنه تراجع عن رفضه، وظل رئيسًا لتحرير الأهرام لمده 17 عامًا، وأبرز ما ميزه فى " الأهرام" هو عموده الصحفي، الذي كان بعنوان "بصراحة"، والذي انتظم في كتابته حتى عام 1994، حتي أصبح أشهر الكتاب والصحفيين العرب. أما في بداية حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، أعلن" هيكل" عن تأييده الشخصي له، كما أنه دعا المواطنين لمساعدته لينجح في مهمته،ثم أعلن " هيكل" ابتعاده عنه الصحافة والكتابة عام 2003 بعد بلوغه الثمانين عامًا، وذلك عقب محاضرة له في الجامعة الأمريكية عام 2002، تسببت في حدوث توتر بينه وبين الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك؛ حيث قال هيكل في محاضرته إن "السلطة شاخت في مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم". رحل " هيكل" بعدما أصبح أهم رواد الثقافة العربية في القرن العشرين، وأبرز مؤرخي التاريخ العربي الحديث، خاصةً تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك من خلال سلسله من البرامج التاريخية التي قدمها على قناة "الجزيرة"، بالإضافة إلى عدد من التحقيقات والمقالات للعديد من صحف العالم في مقدمتها "الصنداي تايمز" و"التايمز" في بريطانيا.